responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 222

إلى أن اللغات اصطلاحية وضعها البشر واحد أو جماعة. وحصل التعريف للباقين بالإشارة والقرائن كالأطفال فقالوا : المراد ألهمه وبعث داعيته على الوضع مثل (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) [الأنبياء : ٨٠]. أي ألهمناه ، أو المراد علمه ما سبق من اصطلاحات قوم كانوا قبل آدم. وأجيب بأن الأصل عدم العدول عن الظاهر : قالوا (ثُمَّ عَرَضَهُمْ) يدل على أن المراد بالأسماء المسميات ، فإن عرض الأسماء غير معقول. فإذن المراد أسماء المسميات فعوض الألف واللام عن المضاف إليه كما في قوله (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم : ٤] أي علمه أسماء كل ما خلق من أجناس المحدثات من جميع اللغات المختلفة التي يتكلم بها ولده اليوم من العربية والفارسية والرومية وغيرها ، وكان ولد آدم يتكلمون بهذه اللغات ، فلما مات وتفرق ولده في نواحي العالم تكلم كل واحد بلغة واحدة معينة من تلك اللغات ، فلما طالت المدة ومضت القرون نسوا سائر اللغات. ثم لا يبعد بل ينبغي أن يكون الله تعالى قد علمه مع ذلك صفات الأشياء ونعوتها وخواصها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ، لأن اشتقاق الاسم إما من السمة أو من السمو. فإن كان من السمة فالاسم هو العلامة وصفات الأشياء وخواصها دالة على ماهياتها وعلامة عليها ، وإن كان من السمو فدليل الشيء كالمرتفع على ذلك الشيء ، فإن العلم بالدليل حاصل قبل العلم بالمدلول. وإنما قلنا ينبغي ذلك لأن الفضيلة في معرفة حقائق الأشياء أكثر من الفضيلة في معرفة أسمائها. ثم من الحقائق ما يتوقف إدراكها على آلة تدرك بها كالمبصرات والمسموعات وغيرها ، فإذا كان لآدم تلك الآلات وقد عرفها بها ، ولم يكن للملائكة ذلك لزم عجزهم. وأيضا العربي لا يحسن منه أن يقول لغيره تكلم بلغتي ، لأن العقل لا طريق له إلى معرفة اللغات ، بل إن حصل التعليم حصل العلم بها وإلا فلا. أما العلم بحقائق الأشياء ، فالعقل يتمكن من تحصيله فصح وقوع التحدي به. وإنما قيل (ثُمَّ عَرَضَهُمْ) بلفظ الذكور ، لأن في جملة المسميات الملائكة والثقلين وهم العقلاء ، فغلب الكامل على الناقص ، والتذكير على التأنيث. ومن الناس من تمسك بقوله (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) على جواز تكليف ما لا يطاق وهو ضعيف ، لأنه إنما استنبأهم مع علمه بعجزهم تبكيتا لهم بدليل قوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي في أني لا أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منهم. وقيل : أي في قولكم إنه لا شيء مما يتعبد به الخلق إلا وأنتم تصلحون له وتقومون به وهو قول ابن عباس وابن مسعود. وقيل : أعلموني بأسماء هؤلاء إن علمتم أنكم تكونون صادقين في ذلك الإعلام. وقيل : أخبروني ولا تقولوا إلا حقا وصدقا ، فيكون الغرض منه التوكيد لما نبههم عليه من القصور لأنه متى تمكن في أنفسهم العلم بأنهم إن أخبروا لم يكونوا صادقين ولا لهم إليه سبيل ، لم

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست