responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 220

التسبيح ، ولا أضيع ثواب هذه التسبيحات ، فإن ذلك لا يليق بي (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) [ص : ٢٧] لكني أوصل ثواب هذه الأشياء إليك لتعرف أن من اجتهد في خدمتي أجعل كل العالم في خدمته «وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء» [١] أيها العبد أذكرني بالعبودية لتنتفع به لا أنا (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الصافات : ١٨٠] فإنك إذا ذكرتني في الخلوات ذكرتك في الفلوات (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب : ٣٥] أقرضني وإن كنت أنا الغني حتى أرد الواحد عليك عشرة (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ) [التغابن : ١٧] لا حاجة لي إلى العسكر (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) [محمد : ٤] ولكن إذا نصرتني نصرتك (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد : ٧] اخدمني (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) [البقرة : ٢١] لا لأني أحتاج إلى خدمتك فإني أنا الملك (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [آل عمران : ١٨٩] ولكن أصرف في خدمتي عمرا قصيرا لتنال ملكا كبيرا وخيرا كثيرا (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة : ٧٢].

قوله (بِحَمْدِكَ) في موضع الحال أي نسبحك ملتبسين بحمدك ، فإنه لو لا إنعامك علينا بالتوفيق لم نتمكن من ذلك. وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أي الكلام أفضل؟ فقال : ما اصطفاه الله لملائكته : سبحان الله وبحمده. ويروى أن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، وأهل السماء الثانية قيام إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، وأهل السماء الثالثة ركوع إلى يوم القيامة يقولون : سبحان الحي الذي لا ينام ولا يموت. وعن ابن عباس وابن مسعود : نسبح أي نصلي ، والتسبيح الصلاة. وعن مجاهد : نقدس لك نطهر أنفسنا من ذنوبنا وخطايانا ابتغاء لمرضاتك. وقيل : نطهر قلوبنا عن الالتفات إلى غيرك حتى تصير مستغرقة في أنوار معرفتك (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) معناه لا تعجبوا ولا تغتموا بأن فيهم من يفسد ويسفك فإني أعلم أن فيهم من لو أقسم على الله لأبرّه ، وأعلم أن معكم إبليس وفي قلبه من الحسد والكبر والنفاق ما فيه ، أو أنكم لما وصفتم أنفسكم بهذه المدائح فأنتم في تسبيح أنفسكم لا في تسبيحي. اصبروا حتى أخلق البشر فيكون فيهم من يعبدونني ثم يخشونني ، يؤدون حق العبادات ثم لا


[١] رواه الترمذي في كتاب العلم باب ١٩. ابن ماجه في كتاب المقدمة باب ١٧. الدارمي في كتاب المقدمة باب ٣٢. أحمد في مسنده (٥ / ١٩٦).

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 220
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست