responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 445
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
هَذَا ضَرْبٌ آخَرُ مِنْ دَلَائِلِ نِفَاقِ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ وَآثَارِهِ، وَهُوَ إِيذَاءُ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالطَّعْنِ فِي أَخْلَاقِهِ الْعَظِيمَةِ، وَشَمَائِلِهِ الْكَرِيمَةِ، كَإِيذَاءِ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمَزُوهُ فِي بَعْضِ أَفْعَالِهِ الْعَادِلَةِ وَهِيَ قِسْمَةُ الصَّدَقَاتِ، وَنَاهِيكَ بِكُفْرِ مَنْ يُصَغِّرُونَ مَا عَظَّمَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، بِقَوْلِهِ لِرَسُولِهِ: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (68: 4) .
أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ يَأْتِي رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ فَيَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْقِلُ حَدِيثَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُمْ: إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ، مَنْ حَدَّثَهُ شَيْئًا صَدَّقَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِ: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ وَلَكِنَّ مَنْطُوقَ الْآيَةِ يُسْنِدُ هَذَا الْقَوْلَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُ، وَإِنْ كَانَ الْإِسْنَادُ إِلَى الْجَمَاعَةِ يَصْدُقُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَإِقْرَارِ الْبَاقِينَ. وَالْأَوَّلُ مَرْوِيٌّ عَنِ السُّدِّيِّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: اجْتَمَعَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِيهِمْ جُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ صَامِتٍ وَمَخْشِيُّ بْنُ حُمْيَرٍ وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَأَرَادُوا أَنْ يَقَعُوا فِي النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَنَهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَالُوا: نَخَافُ أَنْ يَبْلُغَ مُحَمَّدًا فَيَقَعُ بِكُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ نَحْلِفُ لَهُ فَيُصَدِّقُنَا، فَنَزَلَ (وَمِنْهُمْ) وَذَكَرَ الْآيَةَ.
الْأَذَى: مَا يُؤْلِمُ الْحَيَّ الْمُدْرِكَ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ أَلَمًا خَفِيفًا، يُقَالُ: أَذَى الْإِنْسَانُ (كَرَضَى) بِكَذَا أَذًى، وَتَأَذَّى تَأَذِّيًا، إِذَا أَصَابَهُ مَكْرُوهٌ يَسِيرٌ - كَذَا قَالُوا - وَآذَى غَيْرَهُ إِيذَاءً، وَأَنْكَرَ الْفَيْرُوزَابَادِيُّ لَفْظَ الْإِيذَاءِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ
؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْأَذَى وَالْأَذَاةُ وَالْأَذِيَّةُ، وَرُبَّمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى (3: 111) مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آذَى الْمُتَعَدِّي بِنَفْسِهِ لَا مِنْ أَذَى اللَّازِمِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَتَقْيِيدُهُمْ لِلْأَذَى بِالْمَكْرُوهِ الْيَسِيرِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْيَسِيرِ وَالْخَفِيفِ وَعَلَى الشَّدِيدِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى مِنَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنَ الضَّرَرِ، وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي الْأَذَى مِنَ الْمَطَرِ وَأَذَى الرَّأْسِ مِنَ الْقَمْلِ، وَمِنَ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست