responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 125
وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ وَالْعُبَّادُ وَالزُّهَّادُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالْأَبْرَارُ والمقربون والعلماء والعاملون وَالْخَاشِعُونَ وَالْمُحِبُّونَ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمُتَّبِعُونَ رُسُلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ [1] أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا صَعِدَتْ إِلَى الرَّبِّ تعالى بأعمال عباده يسألهم وهم أَعْلَمُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَتَعَاقَبُونَ فينا وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَفِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَيَمْكُثُ هَؤُلَاءِ وَيَصْعَدُ أُولَئِكَ بِالْأَعْمَالِ كَمَا قال عليه الصلاة والسلام: «يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ» فَقَوْلُهُمْ: أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وتركناهم هم يصلون من تفسير قوله لهم:
إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَقِيلَ مَعْنَى قوله تعالى جَوَابًا لَهُمْ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ إني لِي حِكْمَةً مُفَصَّلَةً فِي خَلْقِ هَؤُلَاءِ وَالْحَالَةُ ما ذكرتم لا تعلمونها، قيل إنه جواب وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ أَيْ مِنْ وُجُودِ إِبْلِيسَ بَيْنَكُمْ وَلَيْسَ هُوَ كَمَا وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهِ. وَقِيلَ بَلْ تَضَمَّنَ قَوْلُهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ طَلَبًا مِنْهُمْ أَنْ يَسْكُنُوا الْأَرْضَ بَدَلَ بَنِي آدَمَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ:
إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ مِنْ أَنَّ بَقَاءَكُمْ فِي السماء أصلح لكم وأليق بكم. ذكرها الرازي مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَجْوِبَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ذِكْرُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ بِبَسْطِ مَا ذَكَرْنَاهُ
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَمُبَارَكٍ عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي بَكْرٍ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالَ لَهُمْ إِنِّي فَاعِلٌ وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ [2] . وَقَالَ السُّدِّيُّ:
اسْتَشَارَ الْمَلَائِكَةَ فِي خَلْقِ آدَمَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ [3] نَحْوُهُ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ إِنْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ فَفِيهَا تَسَاهُلٌ [4] ، وَعِبَارَةُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ أَحْسَنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فِي الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ مَكَّةَ وَأَوَّلُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ الْمَلَائِكَةُ. فَقَالَ اللَّهُ: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، يَعْنِي مَكَّةَ» وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ وَفِيهِ مُدْرَجٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ مَكَّةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

[1] البخاري (بدء الخلق باب 6) والنسائي (صلاة باب 21) وموطأ مالك (سفر حديث 82) .
[2] تفسير الطبري 1/ 235.
[3] تفسير الطبري 1/ 246.
[4] التساهل لجهة الاستشارة.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست