responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : روائع التفسير المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 301
موتِهِ، والأولُ بمنزلة من يتوبُ في صحَّته وقوَّتِهِ وشبيبته، لكن مَلكُ الملوكِ.
أكرمُ الأكرمين، وأرحَمُ الراحمينَ، وكُلُّ خلْقه أسيرٌ في قبضتِهِ، لا يُعْجِزُه
منهم أحَدٌ، لا يُعْجِزُه هاربٌ، ولا يفوتُه ذاهبٌ، كما قيل: لا أقدَرَ ممَّن طلبتُه في يده، ولا أعْجَز مِمَّن هو في يد طالبِهِ، مع هذا فكُلُّ منْ طلبَ الأمانَ من عذابِهِ من عبادِهِ أمنَهُ على أي حالٍ كانَ، إذا علم منه الصِّدْقَ في طلبه أنشد
بعض العارفين:
الأمانَ الأمانَ وِزْرِي ثَقِيلُ. . . وذُنُوبي إذا عدَدْتُ تَطُولُ
أوْبَقَتْنِي وأوْثَقَتْنِي ذُنُوبي. . . فتُرَى لي إلى الخلاصِ سبيلُ
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) .
فسوَّى بين مَن تابَ عند الموتِ ومن ماتَ من غيرِ توبةٍ، والمرادُ
بالتوبةِ عندَ الموتِ التوبةُ عند انكشافِ الغطاءِ، ومعاينةِ المحتضرِ أمورَ الآخرةِ.
ومشاهدةِ الملائكةِ، فإنَّ الإيمانَ والتوبةَ وسائرَ الأعمالَ إنَّما تنفعُ بالغيبِ، فإذا كُشِفَ الغِطاءُ وصارَ الغيبُ شهادةً، لم ينفع الإيمانُ ولا التوبةُ في تلكَ الحالِ.
وروى ابنُ أبي الدنيا بإسنادِهِ عن على، قال: لا يزالُ العبدُ في مهلٍ من
التَّوبةِ ما لم يأتِه ملَكُ الموتِ يقبضُ رُوحَه، فإذا نزل ملَكُ الموتُ فلا توبةَ
حينئذ.
وبإسنادِهِ عن الثوريِّ، قال: قال ابنُ عمرَ: التوبةُ مبسوطةٌ ما لم ينزلْ
سلطانُ الموت.
وعن الحسن، قال: التوبةُ معروضةٌ لابنِ آدمَ ما لم يأخُذِ الموتُ بِكَظَمِه.

اسم الکتاب : روائع التفسير المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 301
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست