responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 386
مَنَعَ نَصْرَانًا الصَّرْفَ ضَرُورَةً، وَهُوَ مَصْرُوفٌ لِأَنَّ مُؤَنَّثَهُ عَلَى نَصْرَانَةٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ إِلَّا بِيَاءِ النَّسَبِ، فَيَكُونُ: كَلِحْيَانٍ وَلِحْيَانِيٍّ وَكَأَحْمَرِيٍّ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: وَاحِدُ النَّصَارَى نَصْرِيٌّ، كَمَهْرِيٍّ وَمَهَارَى. قِيلَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى نَصْرَةَ، قَرْيَةٍ نَزَلَ بِهَا عِيسَى. وَقَالَ قَتَادَةُ: نُسِبُوا إِلَى نَاصِرَةَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ نَزَلُوهَا. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ. وَالصَّابِئِينَ: الصَّائِبُونَ، قِيلَ: الْخَارِجُونَ مِنْ دِينٍ مَشْهُورٍ إِلَى غَيْرِهِ، مِنْ صُبُوءِ السِّنِّ وَالنَّجْمِ، يُقَالُ: صَبَأَتِ النُّجُومُ: طَلَعَتْ، وَصَبَأَتْ ثَنِيَّةُ الْغُلَامِ: خَرَجَتْ، وَصَبَأَتْ عَلَى الْقَوْمِ بِمَعْنَى: طَرَأَتْ، قَالَ:
إِذَا صَبَأَتْ هَوَادِي الْخَيْلِ عَنَّا ... حَسِبْتُ بِنَحْرِهَا شَرْقَ الْبَعِيرِ
وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ هَمْزٍ فَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى قِرَاءَتِهِ. قَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: هُمْ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْمَجُوسِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ: هُمْ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَىِ، يحلقون أوساط رؤوسهم وَيَجُبُّونَ مَذَاكِيرَهُمْ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُمْ أَشْبَاهُ النَّصَارَى، قِبْلَتُهُمْ مَهَبُّ الْجَنُوبِ، يُقِرُّونَ بِنُوحٍ، ويقرؤون الزَّبُورَ، وَيَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى: لَا عَيْنَ مِنْهُمْ وَلَا أَثَرَ. وَقَالَ الْمَغْرِبِيُّ، عَنِ الصَّابِي صَاحِبِ الرَّسَائِلِ: هُمْ قَرِيبٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، يَقُولُونَ بِتَدْبِيرِ الْكَوَاكِبِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ قَوْمٌ لَا دِينَ لَهُمْ، لَيْسُوا بِيَهُودَ وَلَا نَصَارَى. قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: قَوْمٌ تَرَكَّبَ دِينُهُمْ بَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ، لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: قَوْمٌ يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَمَلٌ وَلَا كِتَابٌ، كَانُوا بِالْجَزِيرَةِ وَالْمُوصِلِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَيْضًا أَنَّهُمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ، ويصلون الخمس للقبلة، ويقرؤون الزَّبُورَ، رَآهُمْ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَرَادَ وَضْعَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ حَتَّى عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: قوم من أهل الكتاب، ذَبَائِحُهُمْ كَذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ، يقرؤون الزَّبُورَ، وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي بَقِيَّةِ أَفْعَالِهِمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْحَكَمُ: قَوْمٌ كَالْمَجُوسِ. وَقِيلَ: قَوْمٌ مُوَحِّدُونَ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ، وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ. وَأَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخَرِيُّ الْقَادِرَ بِاللَّهِ حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُمْ بِكُفْرِهِمْ. وَقِيلَ: قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، ثُمَّ لَهُمْ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ هُوَ اللَّهُ، إِلَّا أَنَّهُ أَمَرَ بِتَعْظِيمِ الْكَوَاكِبِ وَاتِّخَاذِهَا قِبْلَةً لِلصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمِ وَالدُّعَاءِ. الثَّانِي: أنه تعالى خالق الْأَفْلَاكَ وَالْكَوَاكِبَ، ثُمَّ إِنَّ الْكَوَاكِبَ هِيَ الْمُدَبِّرَةُ لِمَا فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، فَيَجِبُ عَلَى الْبَشَرِ تَعْظِيمُهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْآلِهَةُ الْمُدَبِّرَةُ لِهَذَا الْعَالَمِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَعْبُدُ اللَّهَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الْمَنْسُوبُ لِلَّذِينِ جَاءَهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَادًّا عَلَيْهِمْ.

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست