الاستحسان للدمع من دفع الجزع
من أبدع ما فيه قول بشار:
وجدت دموع العين تجري غروبها # أخفّ على المحزون و الصّبر أجمل [1]
قال الرقاشي:
نعم معون الكمد البكاء
و بكى أعرابي فقيل له: في ذلك فقال: أ ما علمتم أن الدموع خفراء القلوب. قال الحسين بن وهب:
ابك فما أكثر نفع البكا # و الحبّ إشفاق و تعليل
فهو إذا أنت تأملته # حزن على الخدّين محلول
قال ابن عباس كنت إذا خرجت أمتنع من البكاء حتى سمعت قول ذي الرمة:
لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة # من الوجد أو يشفي نجيّ البلابل [2]
فصرت أشتفي من الوجد به. قال الموسوي:
الدمع عون لمن ضاقت به الحيل
و قال آخر:
و غصّة وجد أظهرتها فرفّهت # حرارة حرّ في الجوانح و الصّدر
قصور الأدمع في دفع الجزع
قال ديك الجنّ [3] :
في قلبه نار شوق ليس يخمدها # بحر أحاط به للدمع مسجور [4]
و قال:
فوق خدّي لجّة من دموع # يغرق الوجد بينها و السّلام [5]
كان بين الواثق و بين بعض جواريه عتاب فبكى و ضحكت فقال: قاتل اللّه العباس بن الأحنف حيث قال:
عدل من اللّه أبكاني و أضحككم # الحمد للّه عدل كلّما صنعا
ازدياد الوجد بالبكاء
قال أبو تمّام يردّ على من زعم أنّ البكاء يخفّف الوجد:
أجدر بجمرة لوعة إطفاؤها # بالدّمع أن تزداد طول وقود
[1] الغروب: جمع غرب و هو مسيل الدّمع.
[2] البلابل: الخواطر.
[3] ديك الجنّ: هو عبد السلام بن رغبان (777-849) شاعر عبّاسي من أهل حمص. من الشعراء المجيدين، له عدّة مرات في الحسين كانت له جارية محبوبة اتهمها بحبّ غلامه فقتلهما، ثم ندم.
[4] مسجور: مملوء وقودا.
[5] لجّة: شبيه بالبحر.