و قال محمد بن أمية:
يا فراقا أتى بعيد تلاق # و اتّفاقا جرى بغير اتّفاق
حين حطّت ركابنا لتلاق # زمّت العيس منهم لفراق [1]
إنّ نفسي بالشام إذ أنت فيها # ليس نفسي نفسي التي بالعراق
أشتهي أن يرى فؤادي فيدري # كيف وجدي بهم و كيف احتراقي
كون من تباعد عن محبوبه في غربة
فلا تحسبي أنّ الغريب الذي نأى # و لكنّ من تنأين عنه غريب
و قال الخبزارزي:
أني لفي غربة مذ غبت يا سكني # و إن ظللت أرى في الأهل و الوطن [2]
قال المتنبّي:
إذا ترحّلت عن قوم و قد قدّروا # أن لا تفارقهم فالرّاحلون هم
التلفّت إلى المحبوب بعد الارتحال عنه
قال شاعر:
ما سرت ميلا و لا جاوزت مرحلة # إلا و ذكرك يلوي دائما عنقي
و قال المتنبّي:
أفدي المودّعة التي أتبعتها # نظرا فرادى بين زفرات ثنا [3]
قال ابن المعتزّ:
لست أنسى التفاته حين ولّى # و التفاتي و قد نظرت إليه
و كلانا من التأسّف و الوجـ # د على إلفه يعضّ يديه
تسلّط أيام البين على وصل الأحباب
أرّق العين أن قرّة عيني # دخلت بينه الليالي و بيني
قال جحظة:
جرت نوب الأيّام بيني و بينه # فلم يبق إلا ما أعيد من الذّكر
و قال أبو تمّام:
عبث الفراق بعينه و بقلبه # عبثا يروح الجدّ فيه و يغتدي
[1] زلّق: شدّت و ربطت-العيس: الإبل.
[2] السّكن: كلّ ما يستأنس به.
[3] ثنا: من ثناء أي اثنين.