اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 621
و بارك لنا في صاعها و مدّها، و انقل حماها و اجعلها بالجحفة.
مصر
لم يذكر اللّه تعالى شيئا من البلدان باسمه سوى مصر، و ذكرها في مواضع بالكناية فقال: و قال نسوة في المدينة و قال: فلن أبرح الأرض يعني مصر. و سئل بعضهم عن مصر فقال: عيش رخي و موت وحي.
الكوفة
قال ابن عباس: لو كانت البصرة أمة للكوفة فضلّت ما طلبت رغبة عنها.
و قال كوفي لبصري: أ تمدّون أرجلكم مع أهل الكوفة، و لقد كانوا يقرءون بقراءة أسلاف الحرمين. فجاء حمزة الزيات من الكوفة فقرأ بلغة لا تعرفها العرب فتتابع الناس على قراءته حتى سكان دور الخلفاء.
و كانت القضاة و الفقهاء على أحكام سلفهم، حتى جاء أبو حنيفة فتتابع كل الناس على رأيه.
البصرة
قال الأحنف: نحن أعذب منكم برية و أكثر بحرية و أبعد سرية. و قال خالد بن صفوان: نحن أكثر منكم ساجا و عاجا و ديباجا و خراجا و نهرا عجاجا، و قال: مياهها قصب و أنهارها عجب و سماؤها رطب و أرضها ذهب، و تبقى النخلة بالبصرة مائة و عشرين سنة و تبقى كأنها قدح و ما تطول نخلة بالبصرة إلا أعوجت. و قيل: تمثّلت الدنيا على مثال طائر فمصر و البصرة جناحاها.
وصف جماعة من البلدان
قال الحجّاج لابن القرية: صف لي البصرة، قال: حرّها شديد و شرها عتيد. مأوى كل تاجر و طريق كل عابر. قال: فواسط، قال: جنة بين حمأة و كمأة [1] . قال: فالكوفة، قال: نقصت عن حر البحرين و سفلت عن برد الشأم فطاب ليلها و كثر خيرها. قال:
فالشأم، قال عروس بين نسوة جلوس أطوع الناس للمخلوق في معصية الخالق.
قال: فخراسان، قال: ماؤها جامد و عدوّها جاهد، بأسهم شديد و حرّهم عتيد. قال:
فكرمان، قال: ماؤها وشل [2] و تمرها دقل [3] و عدوها بطل. إن قلّ الجيش بها ضاعوا و إن كثر جاعوا.
قال: فأصبهان قال في حاضرة من الأرض زائغة [4] من الطريق الأعظم. قال:
[1] الكمأة و الكمء: جنس فطر يعيش تحت الأرض، يميل لونه إلى الغبرة.