قال أبو الحسن الطوسي:
هجم البدر و الشتاء فما أمـ # لك إلا رواية العربيّة
و يقلّ الغناء عنّي فنون الـ # علم إن عصفت شمال عريّة
و قيل لأعرابي: ما أعددت للبرد؟قال: شدة الرعدة و تقرفص القعدة و ذرب المعدة.
و قيل: رماه اللّه بالحرّة تحت القرّة، أي العطش مع البرد.
جملة من أوصاف السّحاب من نشئه و قطاره
قال ملحد الجرمي:
أرقت و طال اللّيل للبارق الرمض # حثيث سرى مجتاب أرض إلى أرض [1]
نساري من الإدلاج كدري مزنه # نقضي بجذب الأرض ما لم نكن نقضي
تحنّ بأغوار الفلاة قطاره # كما حنّ نيب بعضهن إلى بعض [2]
كأن شماريخ العلى من صبيره # شماريخ من لبنان بالطّول و العرض [3]
يباري الرياح الحضرميّات مزنه # بمنهمر الأوداق ذي قزع رفض [4]
يغادر محض الماء و هو محضه # على إثره إن كان للماء من محض
يروي العروق الهامدات من البلا # من العرفج النجديّ ذو باد و الحمض
و بات الحيّ الجون ينقض بالحيا # كنهض المداني قيد بالموعث النقض [5]
و قال الحسين بن دعبل:
أما ترى الغيث قد سالت مدامعه # كأنه عاشق يسطو به الذكر
جاءت موقرة الأطراف خاشعة # تكاد تؤخذ بالأيدي فتقتصر
راحت رياح الصّبا ينظمن عارضها # حتى إذا نظمنه ظلّ ينتثر
أضحت له الأرض سكرى و الثرى طرب # و الأفق مبتسم و الجدب مستتر
السحاب المتدلية
قال عبيد الأبرص:
دان مسف فويق الأرض هيدبه # يكاد يدفعه من قام بالراح [6]
[1] حثيث سرى: سيره بالليل متواصل-مجتاب: من اجتاب البلاد: قطعها و اجتازها.
[2] النيب: النوق الهرمة المسنة.
[3] الشماريخ: رءوس الجبال-الصبير: شدّة البرد.
[4] الأوداق: أودقت السماء: أمطرت-ذو قزع: ذو قطع من السحاب متفرّقة.
[5] الجون: الأسود، و الأسود الذي تخالطه حمرة-الموعث: الناقص الحسب.
[6] المسف: المار على وجه الأرض-الهيدب: السحاب المتدلي الذي يقرب من الأرض.