اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 532
و قال المتنبّي:
لا قلّبت أيدي الفوارس بعده # رمحا و لا حملت جوادا أربع
الحثّ على التسلّي لقرب اللحوق بالميت و التمدّح بذلك
دخل الطائي على جعفر بن سليمان و قد توفي له أخ، فاشتد جزعه عليه، فقال: أذكر مصيبتك في نفسك تنسك فقد غيرك. و اذكر قول اللّه تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ[1] ، و خذ بقول الشاعر:
و هوّن ما ألقى من الموت أنّما # أصابك منه يا بنيّ مصيبي
و كتب بعضهم: فيم الجزع و نحن على مدرجة المتوفى. و قال إبراهيم بن المهدي:
و إنّي و إن قدمت قبلي لعالم # بأني و إن أبطأت عنك قريب
و قال يحيى بن زياد:
و هوّن و جدي أنني سوف أغتدي # على إثره يوما و إن نفس العمر
الحثّ على التسلّي بمن أصابه كمصيبته و التمدح بذلك
روي أنّ الإسكندر حكم له أنه لا يموت إلا بأرض سماؤه ذهب و أرضه حديد. فلما سقط من دابّته حمل على درع و ظلل بترس من ذهب فلما أفاق و رأى ذلك فطن لما حكم له، و قال: قاتل اللّه المنجّمين، يقولون و لا يفسرون، فكتب إلى والدته أن أصنعي طعاما و ادعي له من لم تصبه مصيبة، فامتثلت فبقي الطعام و لم يأتها أحد، ففطنت أنه أرسل يعزيها، و قال:
و ما أنا بالمخصوص من بين من أرى # و لكن أتتني نوبتي في النّوائب
و توفي ابن لمسلمة فاشتد جزعه حتى أمسك عن الطعام و الشراب، فدخل في غمار الناس رجل رثّ الهيئة، فأنشده:
و طيّب نفسي عن شراحيل أنني # إذا شئت لاقيت امرأ مات صاحبه
فقال: ويحك، أعد فأعاده فدعا بالطعام. قالت الخنساء:
و لو لا كثرة الباكين حولي # على إخوانهم لقتلت نفسي
و ما يبكون مثل أخي و لكن # أسلّي النفس عنه بالتأسّي
و قال حريث:
و لو لا الأسى ما عشت في الناس بعده # و لكن إذا ما شئت جاوبني مثلي
و نزل عروة بن الزبير بالوليد و معه ابنه فضربته دابّة فأصبح ميتا. و وقعت الأكلة في