اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 504
و لما أتى معاوية موت زياد توجع، و قال:
و أفردت سهما في الكنانة واحدا # سيرمى به أو يكسر السهم كاسره
الاعتبار بمن مات من الكبار و السّلاطين
قيل: لمّا مات الإسكندر وقف عليه أرسطاطاليس فقال: طالما كان هذا الشخص واعظا بليغا و ما وعظ بموعظة في حياته أبلغ من عظته في مماته. أخذ هذا المعنى أبو العتاهية، فقال:
و كانت في حياتك لي عظات # فأنت اليوم أوعظ منك حيّا
و حمل إلى أمه في تابوت من ذهب، فقالت: جمعت الذهب حيا و جمعك الذهب ميتا.
قال الأسود بن يعفر:
ما ذا أؤمل بعد آل محرق # تركوا منازلهم بغير إياد [1]
أهل الخورنق و السّدير و بارق # و القصر ذي الشرفات من سنداد [2]
و قال المتنبّي:
أين الأكاسرة الجبابرة الألى # كنزوا الكنوز فما بقين و لا بقوا
من كلّ من ضاق الفضاء بجيشه # و حواه عند الموت لحد ضيّق
و قال آخر:
أ لم تر صول في آل برمك # و آل نهيك و الألى سلفوا قبل
لقد غرسوا غرس النخيل تمكّنا # فما حصدوا إلا كما يحصد البقل [3]
و نظرت امرأة إلى جعفر بن يحيى مصلوبا فقالت: لئن كنت في الحياة غاية فلقد صرت في الممات آية.
قال شاعر:
و من كان ذا باب شديد و حاجب # فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه
و قال آخر:
الموت يأتي كلّ # محتجب و لا يستأذن
تناهى بعد من مات
قال أبو حية النمري:
فلا غائب من كان يرجى إيابه # و لكنه من ضمّن اللحد غائب