اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 490
الاستسقاء
اللّهم اسقنا غيثا مريعا ريعا مجللا مجلجلا سحا سفوحا طبقا غدقا ودقا. فسمع أعرابي ذلك فقال: أخشى الطوفان و رب الكعبة دعني يا نوح آوي إلى جبل يعصمني من الماء.
و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: اللّهم إنك حبست عنا مطر السماء فذاب الشحم و ذهب اللحم ورق العظم، فارحم أنين الآنة و حنين الحانة. اللّهم ارحم تحيرها في مراتعها و حنينها في مرابضها.
و صعد عمر المنبر للاستسقاء فلم يزد على الاستغفار، فقيل له: إنك لم تستسق، فقال: قد استسقيت بمجاديح [1] السماء. ذهب إلى قوله تعالى: فَقُلْتُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً `يُرْسِلِ اَلسَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً[2] .
و خرج سليمان بن عبد الملك يستسقي فسمع أعرابيا يقول:
ربّ العباد ما لنا و مالكا # قد كنت تسقينا فما بدا لكا
أنزل علينا الغيث لا أبا لكا
فضحك سليمان، و قال أشهد أنه لا أبا له و لا صاحبة و لا ولد.
أنواع شتّى من ذلك
اللّهم إني أعوذ بك من أن تحسن في العيون علانيتي و تقبح في الخفيات سريرتي.
اللّهم كما أسأت و أحسنت إليّ فإن عدت فعد عليّ. و كان الحجاج إذا تلا قوله تعالى:
رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لاََ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[3] يقول: كان سليمان حسودا، و إذا تلا قوله تعالى: اِجْعَلْنِي عَلىََ خَزََائِنِ اَلْأَرْضِ[4] قال: أحب يوسف الإمارة يا من يغضب على من لا يسأله لا تحرم من قد سألك.
و قال الأصمعي: سمعت أعرابية تدعو على ظالم لها: اللّهم اشفني منه في الدنيا فإني في الآخرة عنه مشغولة، اللّهم لا تنزلني منزل سوء فأكون امرأة سوء، اللّهم أصلحني قبل الموت و ارحمني عند الموت و اغفر لي بعد الموت. و قال أعرابي و قد صلّى: اللّهم عفرت لك جبيني و بسطت إليك يميني فانظر ما تعطيني. و قال مالك بن دينار: اللّهم سهّل لي المجاز و يسّر لي الجواز. و من دعاء موسى بن جعفر عليهما السلام: اللّهم أفرغني لما شغلتني له و لا تشغلني بما تكفلت لي به يا رب العالمين.
[1] مجاديح السّماء: أنواؤها التي ترسل الأمطار، جمع مجداح، و المجداح أيضا: ساحل البحر.