اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 434
أطعمت أطعمت طيبا و إن وقعت على عودة لم تنكسر. و قالت امرأة العزيز: الحمد للّه الذي جعل العبيد بطاعته ملوكا و الملوك بمعصيته عبيدا.
و قيل: المحسن في معاده كالغائب يرد إلى أهله مسرورا و المسيء كالآبق يرد مأسورا.
و قيل في قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: نية المرء خير من عمله، أي خير يعد من عمله و ليس من للتفصيل. و قال ابن عباس: كنا نحدث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قبل أن يركب الناس الصعب و الذلول فلما ركبوهما أقلنا.
و قال الزهري: حدثني فلان و فلان قبل تلاطخ الأحاديث. و قال الحسن: يا ابن آدم تحب الصالحين و تفر من أعمالهم و تبغض الفجار و أنت منهم. و عن بعضهم أنه قال: ما معي من الصلاح غير حبي لأهله. و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: المرء مع من أحب.
(2) و ممّا جاء في المذاهب المختلفة
اختلاف أقوال غير أهل الكتاب في العالم
قال أهل الدهر جميعا: العالم كله قديم الطينة و الصنعة و أهل هذه المقالة مختلفون، فمنهم من قال إنه أربعة أشياء حر و برد و يبس وبلة و معها روح سائح في جميعها يديرها و يصورها و لا أول له و لا آخر، و قال آخر: الأشياء صنعت نفسها و صنعت بعضها بعضا.
و قالت السمنية: لم تزل الأشياء منتقلة كانتقال البيضة من الدجاجة و الدجاجة من البيضة.
و قال بلعام بن باعوراء: العالم قديم و له مدبر خلافه في جميع معانيه. و قال بعض الملحدة العالم جوهرة قديمة و هي في ذاتها واحدة لا اختلاف فيها و لكنها تختلف على قد الالتقاء و المماسة و على الحركات فتصير رطوبة و حر أو برد أو يبسا. و قال أرسطو: الهيولى أصل طينة العالم قديمة و معناها أصل الشيء كالفضة أصل الدراهم. و قال الصابئون: النور قديم لم يزل و هو خالق الظلمة.
و قالوا: الشيطان كلمة اللّه لا خلقه و زعموا أن الظلمة تقب على النور امتزاجا فما كان من خبر فمن اللّه و عمله و من شر فمن الشيطان. و قول المجوس مثله لكنهم تفردوا أنهم زعموا إن النور يخلق كل حسن و الظلمة تخلف كل قبيح. و قالت الجرمية: أصل العالم النور فمسخ بعضه بعضا فاستحالت ظلمة. و قالت الثنوية بالنور و الظلمة. و أن للنور خمسة أجناس، الضياء و النسيم و الماء و النار و الروح. و الظلمة خمسة أشياء الدخان و الحريق و الظلمة و السموم و الضباب، فخالط الدخان النسيم و خالط الحريق النار و خالط النور الظلمة و خالط الريح السموم و خالط الضباب الماء، فما كان محمودا منها فمن النور أو مذموما فمن الظلمة. و زعموا أن هذه
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 434