اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 2 صفحة : 415
الحثّ على مراعاة ما فيه رضا اللّه دون المخلوقين
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: من طلب رضا اللّه بسخط الناس كفاه اللّه مئونة الناس، و من طلب رضا الناس بسخط اللّه و كله إلى الناس. و قيل: من خاف اللّه تعال أجلّ و من خاف الناس ذلّ، و قال سهل بن عبد اللّه: أعجز الناس من خشي ما لا يضره و لا ينفعه و اللّه تعالى يقول: فَلاََ تَخْشَوْهُمْ وَ اِخْشَوْنِي[1] . و قيل: من خاف اللّه أخاف اللّه منه كل شيء. قال الشبلي: و لذلك دليل، خاف يعقوب على يوسف الذئب فمحن بما محن و لو خاف اللّه تعالى لمنع كيد الأخوة. و قال محمد بن السماك: إن قدرت أن لا تكون لغير اللّه عبدا ما وجدت للعبودية بدا فافعل، و قيل: ما أوطأ راحة الواثق باللّه و آنس المطيع للّه.
و قال رجل لعمر بن عبد العزيز: عليك بما يبقى لك عند اللّه فإنه لا يبقى لك ما عند الناس، فبلغ ذلك الزهري فقال: لقد وعظه بالتوراة و الإنجيل و الفرقان. و قال أمير المؤمنين: من حاول دفع أمر بمعصية كان ذلك أبعد لما رجا و أقرب لمجيء ما اتقى.
و قال بندار بن الحسين الصوفي: من أقبل على الدنيا أحرقته بنارها و صار رمادا لا ينتفع به، و من أقبل على الآخرة أحرقته بنورها و صار سبيكة ذهب ينتفع بها، و من أقبل على اللّه تعالى أحرقه التوحيد و صار جوهرة لا قيمة لها.
الحثّ على إصلاح الضّمير
قال سفيان بن عيينة: لو لم ينزل اللّه تعالى علينا إلا قوله تعالى: أَنَّ اَللََّهَ يَعْلَمُ مََا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ[2] . لكان قد أعذر. و قال ذو النون: إذا فسدت النية وقعت البلية. و قال أبو سعيد الجزار: دخلت المسجد الحرام فرأيت فقيرا عليه خرقتان فقلت في نفسي هذا و أمثاله كلّ على الناس فناداني: وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَللََّهَ يَعْلَمُ مََا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ[3] ، فاستغفرت اللّه تعالى في نفسي، فناداني: و هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ[4] ، و غاب عني.
و سئل ذو النون عن قوله تعالى: إِنَّ اَلْمُلُوكَ إِذََا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهََا وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهََا أَذِلَّةً[5] فقال: القرية قلب المؤمن و الملك المعرفة فإذا سكنت المعرفة القلب طردت ما فيه غير ذكر اللّه. و قال أبو علي السنوي: بلغني يا رسول اللّه إنك قلت شيبتني هود فما الذي شيبك منها، قال: قوله تعالى فَاسْتَقِمْ كَمََا أُمِرْتَ[6] .
العفو عن حديث النفس
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: عفى عن أمتي الخطأ و النسيان. و قال: إن العبد إذا هم بمعصية لم تكتب عليه و سئل سفيان عن الهم هل يؤخذ به العبد، قال: نعم، إذا كان عزما قال اللّه تعالى و هموا بما لم ينالوا.