و قال آخر:
و قد يملأ القطر الإناء فيفعم [1]
و أول الغيث قطر ثم ينسكب
كم بذي الأثل دوحة من قضيب
من الحبة تنبت الشجرة العميمة و من الجمرة تكون النار العظيمة. التمرة إلى التمرة تمر، و الذود إلى الذود إبل. قال صالح:
قد يحقر المرء ما يهوى فيركبه # حتّى يكون إلى توريطه سببا
و حرب البسوس كانت في ضرب ناب و حرب غطفان بسبب دابة.
وصف الحرب بالشدة
قال عمر بن الخطاب رضوان اللّه عليه لعمرو بن معدي كرب: أخبرني عن الحرب.
فقال هي مرّة المذاق إذا شمّرت عن الساق، من صبر فيها عرف و من ضعف عنها تلف.
كما قال:
الحرب أول ما تكون فتية # تسعى ببزتها لكل جهول
حتّى إذا اشتعلت و شبّ ضرامها # عادت عجوزا غير ذات حليل
شمطاء جزّت رأسها و تنكّرت # مكروهة للشمّ و التقبيل
و قيل: موطنان تذهب فيهما العقول المباشرة و المسابقة. و وصف رجل الحرب فقال: أولها شكوى و آخرها بلوى و أوسطها نجوى. قال الفرزدق:
و جامعة أعناقها بعد ما التوت # جوامعها ما كان سيق لها مهر
إذا ما ابنها لاقى أخاها تعاوروا # عيونا من الأعداء أبصارها خزر
و قال أبو تمّام:
و مشهد بين حكم الذلّ منقطع # حباله بحبال الموت تتّصل
ضنك إذا خرست أبطاله نطقت # فيه الصّوارم و الخطيّة الذبل [2]
و قال المتنبّي:
و مبتسمات هيجاوات عصر # عن الأسياف ليس عن الثّغور
و قال السريّ:
تضايق حتّى لو جرى الماء فوقهم # حماه ازدحام البيض أن يتسرّبا
[1] القطر: المطر-يفعم: يقيض.
[2] الصوارم: السيوف-الخطيّة الذبل: الرماح.