responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما لم ينشر من الأمالي الشجريه المؤلف : ابن الشجري    الجزء : 1  صفحة : 1
النص
بقية (المجلس الثامن والسبعون)
.... وغطاها كما يغطي السحاب السماء وقد فعلت العرب ذلك في أشعارها ولا سماه لذلك سحاباً جعله يستسقي فيسقى مع أن الطير لا تصيب من القتلى ما تصيبه وهي في الجو وإذا كانت تهبط إلى الأرض حتى تقع على القتيل فالسحاب الساقي عال عليها. فأما استسقاء الطير فجار على العرب في استعارة هذه اللفظة تعظيماً لقدر الماء. قال علقمة بن عبدة يطلب أن يفك أخوه شأس من الأسر يخاطب بذلك ملك الشام.

وفي كل حي قد بنعمة ... وحق لشأس من نداك ذنوب
وأصل الذنوب الدلو العظيمة، وقيل للنصيب ذنوب في قوله تعالى: (فإنَّ للَّذينَ ظلموا ذنوباً مثلَ ذنوبِ أصحبهمْ) لأنهم كانوا يقتسمون الماء فيأخذ هذا ذنوباً وهذا ذنوباً. وقال رؤبة:

يا أيها المائح دلوي دونكما ... أني رأيت الناس يحمدونكما
وهما لم يستقيا في الحقيقة ماء وإنما استطلق أحدهما أسيراً وطلب الآخر عطاء ولذلك قال أبو تمام:

.......................... ... بعقبان طير في الدماء نواهل.
والنهل لا يكون إلا من المشروب دون المطعوم وقد كرر أبو الطيب هذا المعنى فغيره وألطف فجاء كالمعنى المخترع قال:

يفدى أتم الطير عمرا سلاحه ... نسور الملا أحداثها والقشاعم
وما ضرها خلق بغير مخالب ... وقد خلقت أسيافه والقوائم
وذكر الطير في مواضع أخر فأحسن وجاء بما لم يسبق إليه فقال:

يطمع الطير فيهم طول أكلهم ... حتى تكاد على أحيائهم تقع
ومن المستحسن ما قيل أيضاً في هذا المعنى قوله في وصف جيش:

وذي لجب لا ذو الجناح أمامه ... بناج ولا الوحش المثار بسالم
قال أبو الفتح: أراد أن الجيش يصيد الوحش والعقبان فوقه تسايره فتخطف الطير أمامه. وقال أبو العلاء المعري: يقول إذا طار ذو الجناح أمامه فليس بناج لأن الرماة كثرة في الجيش وإن ثار الوحش أدركوه فأخذوه.
وقول أبي العلاء إن ذا الجناح تصيبه الرماة أوجه لأن الشاعر أراد تفخيم الجيش وتعظيمه فلا يفوته طائر ولا وحش ثم قال:

تمر عليه الشمس وهي ضعيفة ... تطالعه من بين ريش القشاعم
أراد أن الجيش ارتفع غباره فالشمس تصل إليه ضعيفة داخلة بين ريش الطير التي تتبعه لتصيب من لحوم القتلى، ثم قال:

إذا ضوءها لا من الطير فرجة ... تدور فوق البيض مثل الدراهم
وذكر أبو نصر بن نباتة الطير قواد زيادة أبدع فيها فقال:

ويوماك يوم للعفاة مذلل ... ويوم إلى الأعداء منك عصبصب
إذا حومت فوق الرماح نسوره ... أطار إليها الضرب ما تترقب
وقال:

وإنك لا تنفك تحت عجاجة ... تقطع فيها المشرفية بالطلا
إذا يئست عقبانها من خصيلة ... رفعت إليها الدراعين على القنا
الخصيلة كل لحمة فيها عصب والطلا الأعناق. وقول أبي تمام

إذا ظللت عقبان أعلامه....
يقال للراية عقاب وتجمع عقباناً. (آخر المجلس) .

المجلس التاسع والسبعون
ذكر المعاني إن الخفيفة المكسورة
قد تصرف العرب فيها فاستعملها شرطية ونافية ومخففة من الثقيلة وزائدة مؤكدة. فإذا كانت نافية فسيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر يقول: إن زيد قائم كما تقول في اللغة التميمية: ما زيد قائم. وإنما حكم سيبويه بالرفع بعدها حرف يحدث معنى في الاسم والفعل كألف الاستفهام وكما لم تعمل ما النافية في اللغة التميمية وهو وفاق للقياس ولما خالف بعض العرب القياس فاعملوا (ما) لم يكن لنا إن نتعدى القياس في غير ما، وغير سيبويه اعمل إن على تشبيهها بليس كما استحسن بعض العرب ذلك في (ما) واحتج بأنه لا فرق بين إن وما في المعنى إذ هما لنفي ما في الحال وتقع بعدهما جملة الابتداء كما تقع بعد ليس وأنشد:

إن هو مستولياً على أحد ... إلا على حزبه الملاعين
اسم الکتاب : ما لم ينشر من الأمالي الشجريه المؤلف : ابن الشجري    الجزء : 1  صفحة : 1
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست