responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 56

أبو بكر بن العربي المالكي الإمام العلامة: ليس للّه تعالى خلق أحسن من الإنسان، فإن اللّه تعالى خلقه حيا عالما قادرا متكلما سميعا بصيرا مدبرا حكيما، و هذه صفات الرب جل و علا و عنها وقع البيان بقوله صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى خلق آدم على صورته يعني‌ [1] على صفاته، التي قدمنا ذكرها.

قلت: و هنا مجال رحب لأصحاب الكلام في أصول الدين أضربنا عنه، إذ ليس هو من غرضنا في هذا الكتاب.

و روى أبو بكر المتقدم ذكره، بإسناده أن موسى بن عيسى‌ [2] الهاشمي، كان يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما: أنت طالق ثلاثا، إن لم تكوني أحسن من القمر، فاحتجبت عنه، و قالت: طلقت. فبات بليلة عظيمة، فلما أصبح أتى المنصور و أخبره بذلك، فاستحضر الفقهاء، و سألهم عن ذلك؟فأجاب كل منهم بالطلاق، إلا واحدا منهم، فقال: لا تطلق لقوله تعالى‌ [3] :

لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسََانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . فقال المنصور: الأمر كما ذكرت، ثم أرسل إلى زوجته بذلك. و هذا الجواب ينقل عن الإمام الشافعي رضي اللّه تعالى عنه، و عندي في قوله: موسى بن عيسى نظر، و الذي أظنه أنه عيسى بن موسى فإنه كان ولي عهد المنصور، ثم خلعه من ولاية العهد لولده المهدي، و قد تقدم أن الشافعي رضي اللّه تعالى عنه، ولد في سنة خمسين و مائة، و المنصور كانت وفاته على ما ذكره ابن خلكان و غيره في سنة ثمان و خمسين و مائة، فكيف يتصور أن يكون الشافعي المفتي في هذه الواقعة؟فليتأمل ذلك.

قلت: و قد أذكرتني هذه الحكاية، ما ذكره الزمخشري، عند قوله‌ [4] تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي اَلنِّسََاءِ أن عمران بن حطان‌ [5] الخارجي كان شديد السواد، و كانت امرأته من أجمل النساء، فأطالت نظرها في وجهه يوما و قالت: الحمد للّه فقال: ما لك؟فقالت: حمدت اللّه تعالى على أني و إياك في الجنة. قال: كيف؟قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت، و رزقت مثلك فصبرت و قد وعد اللّه عباده الصابرين و الشاكرين الجنة. و ذكر [6] ابن الجوزي في الأذكياء و غيره أن عمران بن حطان هذا كان أحد الخوارج، و هو القائل يمدح عبد الرحمن بن ملجم لعنهما اللّه على قتل علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه:

يا ضربة من تقى ما أراد بها # إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوما فأحسبه # أوفى البرية عند اللّه ميزانا


[1] رواه ابن حنبل: 3/244، 251، 315، 323، 434، 463. و رواه البخاري في الاستئذان: 1. و مسلم في البر: 115 و الجنة: 28.

[2] هو موسى بن عيسى بن محمد العباسي الهاشمي من الولاة، و كان جوادا عاقلا، مات سنة 183 هـ.

[3] سورة التين: الآية 4.

[4] سورة النساء: الآية 127.

[5] هو عمران بن حطان بن ظبيان السدوسي، من رءوس الصّفرية من الخوارج خطيب و شاعر. مات سنة 84 هـ.

[6] الأذكياء: 210.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست