اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 455
فيه حركته و تضع الإناث حينئذ. و إذا جثم في مكان لا يتحرك منه إلى أن يمضي عليه أربعة عشر يوما، و بعد ذلك يتدرج في الحركة. و الأنثى إذا انهزمت دفعت جراءها بين يديها، فإذا اشتد خوفها عليها صعدت بها الأشجار. و في طبعه فطنة عجيبة لقبول التأديب، لكنه لا يطيع معلمه إلا بعنف و ضرب شديد.
و حكمه:
تحريم الأكل لأنه سبع يتقوى بنابه. و قال الإمام أحمد: إن لم يكن له ناب فلا بأس به، لأن الأصل الإباحة، و لم يتحقق وجود المحرم.
فائدة:
قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي في آخر الأذكياء [1] : هرب رجل من أسد، فوقع في بئر، فوقع الأسد خلفه، فإذا في البئر دب، فقال له الأسد: منذ كم لك هاهنا؟قال: منذ أيام، و قد قتلني الجوع. فقال: له الأسد: أنا و أنت نأكل هذا الإنسان و قد شبعنا، فقال له الدب فإذا عاودنا الجوع ما نصنع؟و إنما الرأي أن نحلف له، أنا لا نؤذيه ليحتال في خلاصنا و خلاصه، فإنه على الحيلة أقدر منا فحلفا له فتشبث حتى وجد نقبا فوصل إليه، ثم إلى الفضاء فتخلص و خلصهما. و معنى هذا أن العاقل لا يترك الحزم في كل أموره، و لا يتبع شهوته لا سيما إذا علم أن فيها هلاكه بل ينظر في عاقبة أمره و يأخذ بالحزم في ذلك. و حكى القزويني في عجائب المخلوقات أن أسدا قصد إنسانا فهرب و التجأ إلى شجرة، فإذا على بعض أغصانها دب يقطف ثمرتها، فلما رأى الأسد أنه فوق الشجرة، جاء و افترش تحتها ينتظر نزول الإنسان. قال: فنظرت إلى الدب، فإذا هو يشير بإصبعه إلى فيه، أن اسكت لئلا يعرف الأسد أني هنا. قال: فبقيت متحيرا بين الأسد و الدب، و كان معي سكين صغير فأخرجته و قطعت بعض الغصن الذي عليه الدب حتى إذا لم يبق منه إلا اليسير سقط الدب بسبب ثقله فوثب الأسد عليه و تصارعا زمانا ثم غلبه الأسد فافترسه و رجع عني.
الأمثال:
تقدم أنهم قالوا: «أحمق من جهبر» . و هي أنثى الدب. و أما قولهم [2] : «ألوط من دب» . فهو رجل من العرب كان يتجاهر بعمل ذلك. و أما قولهم [3] : «ألوط من ثفر» ، فإنما قالوه لأن الثفر لا يفارق دبر الدابة، و قولهم [4] : «ألوط من راهب» . هذا من قول الشاعر:
و ألوط من راهب يدّعي # بأن النساء عليه حرام
الخواص:
نابه يلقى في لبن المرضعة و يسقاه الصبي تنبت أسنانه بسهولة. و شحمه يزيل البرص طلاء، و إذا شدت عينه اليمنى في خرقة، و علقت على عضد إنسان لم يخف السباع، و إن علقت على من به الحمى الدائمة ابرأته، و مرارته إذا اكتحل بها مع العسل و ماء الرازيانج اذهبت ظلمة البصر، و إذا طلي بذلك موضع داء الثعلب، أنبت الشعر فيه، و إذا شرب من مرارته وزن دانقين بعسل و ماء حار، نفع الرئة و البواسير و طرد الرياح. و إذا ربطت مرارته على فخذ الرجل اليمنى جامع ما شاء و لا يضره، و دمه إذا