responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 433

قطاع الطريق، بالقرب من بغداد، فلما رأى الغلبة فر هاربا، فقال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار أبدا و أنت القائل‌ [1] :

الخيل و الليل و البيداء تعرفني # و الحرب و الضرب و القرطاس و القلم‌

فكر راجعا، و قاتل حتى قتل. فكان سبب قتله هذا البيت، و ذلك في شهر رمضان سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة. و ما أحسن قول أبي سليمان الخطابي في مدح العزلة و الانفراد و إن لم يكن له تعلق بهذا المعنى:

أنست بوحدتي و لزمت بيتي # فدام الأنس لي و نما السرور

و أدّبني الزمان فلا أبالي # هجرت فلا أزار و لا أزور

و لست بسائل ما دمت حيا # أ سار الخيل أم ركب الأمير

فائدة

: ذكر ابن خلكان في تاريخه أن شخصا سأل المتنبي عن قوله.

بادر هواك صبرت أم لم تصبرا.

كيف يثبت الألف في تصبرا مع وجود لم الجازمة!و من حقه أن يقول لم تصبر؟فقال أبو الطيب المتنبي: لو كان أبو الفتح بن جني هاهنا لأجابك: هذه الألف هي بدل النون الساكنة لأنه كان في الأصل لم تصبرن، و نون التأكيد الخفيفة إذا وقف الإنسان عليها أبدل منها ألفا قال الأعشى‌ [2] :

و ذا النصب المنصوب لا تنسكنّه # و لا تعبد الشيطان و اللّه فاعبدا

كان الأصل فاعبدن، فلما وقف عليها أتي بألف بدلا من النون و مراده بأبي الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي المشهور، و كان ابن جني قد قرأ على أبي علي الفارسي و فارقه و قعد للإقراء بالموصل، فمر به شيخه أبو علي يوما فرآه في حلقته، فقال له: زبّبت و أنت حصرم، فترك حلقته و تبعه، و لم يزل ملازما له حتى مهر. و أبوه جني مملوك رومي، و له أشعار حسنة و كان أعور بعين واحدة و في ذلك يقول‌ [3] :

صدودك عني و لا ذنب لي # يدل على نية فاسده

فقد و حياتك مما بكيت # خشيت على عيني الواحدة

و لو لا مخافة أن لا أراك # لما كان في تركها فائدة

و له تصانيف مفيدة و شرح ديوان المتنبي و لذلك أشار إليه المتنبي كما تقدم و كانت وفاة


[1] ديوان المتنبي: 3/369. و فيه: «الخيل و الضرب و الطعن... » .

[2] ديوان الأعشى 137. و فيه: «و لا تعبد الأوثان... » و تمام البيت:

و ذا النصب المنصوب لا تنسكنّه # و لا تعبد....

[3] الأبيات لابن جني و هي في وفيات الأعيان: 3/246.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 433
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست