responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 412

إذا فرخ يجعل في عشه قضبان الكرفس فلا يؤذيه إذا شم رائحته و لا يفرخ في عش عتيق حتى يطينه بطين جديد و يبني عشه بناء عجيبا. و ذلك أنه يهيئ الطين مع التبن فإذا لم يجد طينا مهيئا ألقى نفسه في الماء ثم يتمرغ في التراب حتى يمتلئ جناحاه، و يصير شبيها بالطين، فإذا هيأ عشه جعله على القدر الذي يحتاج إليه هو و أفراخه و لا يلقي في عشه زبلا بل يلقيه إلى خارج، فإذا كبرت فراخه علمها ذلك. و أصحاب اليرقان يلطخون فراخ الخطاف بالزعفران فإذا رآها صفراء ظن أن اليرقان أصابها من شدة الحر فيذهب فيأتي بحجر اليرقان من أرض الهند، فيطرحه على فراخه، و هو حجر صغير فيه خطوط بين الحمرة و السواد يعرف بحجر السنونو فيأخذه المحتال فيعلقه عليه أو يحكه و يشرب من مائه يسيرا فإنه يبرأ بإذن اللّه تعالى. و الخطاف متى سمع صوت الرعد يكاد أن يموت، و قال ارسطو في كتاب النعوت: الخطاطيف إذا عميت أكلت من شجرة يقال لها عين شمس فيرد بصرها لما في تلك الشجرة من المنفعة للعين و في رسالة القشيري في آخر باب المحبة أن خطافا راود خطافة على قبة سليمان عليه الصلاة و السلام فامتنعت منه، فقال لها: أ تمتنعين علي و لو شئت لقلبت القبة على سليمان، فسمعه سليمان فدعاه و قال له ما حملك على ما قلت؟فقال:

يا نبي اللّه العشاق لا يؤاخذون بأقوالهم قال: صدقت.

فائدة:

ذكر الثعلبي و غيره في تفسير سورة النمل أن آدم عليه الصلاة و السلام، لما أخرج من الجنة اشتكى إلى اللّه تعالى الوحشة، فآنسه اللّه تعالى بالخطاف، و ألزمها البيوت فهي لا تفارق بني آدم أنسالهم. قال: و معها أربع آيات من كتاب اللّه عز و جل و هي‌ [1] لَوْ أَنْزَلْنََا هََذَا اَلْقُرْآنَ عَلى‌ََ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خََاشِعاً إلى آخر السورة، و تمد صوتها بقوله العزيز الحكيم. و الخطاطيف أنواع:

منها نوع يألف سواحل البحر يحفر بيته هناك، و يعشش فيه، و هو صغير الجثة دون عصفور الجنة، و لونه رمادي و الناس يسمونه سنونو بضم السين المهملة و نونين. و سيأتي إن شاء اللّه تعالى في باب السين المهملة، و منها نوع أخضر على ظهره بعض حمرة أصغر من الذرة يسميه أهل مصر الخضيري، لخضرته يقتات الفراش و الذباب و نحو ذلك، و منها نوع طويل الأجنحة رقيقها يألف الجبال، و يأكل النمل، و هذا النوع يقال له السمائم مفرده سمامة، و منهم من يسمي هذا النوع السنونو الواحدة سنونوة، و هو كثير في المسجد الحرام يعشش في سقفه في باب إبراهيم و باب بني شيبة. و بعض الناس يزعم أن ذلك هو الطير الأبابيل الذي عذب اللّه تعالى به أصحاب الفيل. روى نعيم بن حماد عن الحسن رضي اللّه عنه، قال: دخلنا على ابن مسعود رضي اللّه عنه، و عنده غلمان كأنهم الدنانير، أو الأقمار حسنا فجعلنا نتعجب من حسنهم، فقال عبد اللّه كأنكم تغبطوني بهم؟! فقلنا: و اللّه إن مثل هؤلاء يغبط بهم الرجل المسلم، فرفع رأسه إلى سقف بيت له قصير، قد عشش فيه الخطاف و باض، فقال: و الذي نفسي بيده لأن أكون قد نفضت يدي من تراب قبورهم، أحب إلي من أن يخرج عش هذا الطائر فينكسر بيضه. قال ابن المبارك: إنما قال ذلك خوفا عليهم من العين. قال أبو إسحاق الصابي يصف الخطاف:

و هندية الأوطان زنجية الخلق # مسوّدة الألوان محمرة الحدق

إذا صرصرت صرت بآخر صوتها # حداد فأذرت من مدامعها العلق‌


[1] سورة الحشر: الآية 21.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست