responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 205

بد أن تستبرأ و و اللّه لئن لم أبت معها ليلتي هذه، أظن أن نفسي تخرج!فقلت: يا أمير المؤمنين تعتقها و تتزوّجها، فإن الحرة لا تستبرأ. قال: فإني قد أعتقتها. فمن يزوّجنيها؟قلت له: أنا.

فدعا بمسرور و حسين، فخطبت و حمدت اللّه تعالى، و زوّجته بها على عشرين ألف دينار، ثم قال:

علي بالمال، فجي‌ء به فدفعه إليها ثم قال لي: يا يعقوب انصرف، و قال لمسرور: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم، و عشرين تختا من الثياب فحمل ذلك إليه. ا هـ.

و كان أبو يوسف يحفظ التفسير و المغازي و أيام العرب فمضى يوما ليسمع المغازي، و أخل بمجلس أبي حنيفة اياما فلما أتاه قال له: يا أبا يوسف من كان صاحب راية جالوت؟فقال له أبو يوسف: إنك إمام، و إن لم تمسك عن هذا سألتك على رءوس الناس، أيما كان أول وقعة بدر أو أحد؟فإنك لا تدري ذلك، و هي أهون مسائل التاريخ، فأمسك عنه. قيل: كان يجلس إلى أبي يوسف رجل فيطيل الصمت و لا يتكلم فقال له أبو يوسف يوما: أ لا تتكلم؟فقال: بلى. متى يفطر الصائم؟قال: إذا غابت الشمس. قال: فإن لم تغب إلى نصف الليل كيف يصنع؟فضحك أبو يوسف و قال له: أصبت في صمتك، و أخطأت أنا في استدعائي نطقك و أنشد [1] :

عجبت لإزراء الغبي بنفسه # و صمت الذي قد كان بالقول أعلما

و في الصمت ستر للغبي و إنما # صحيفة لب المرء أن يتكلما

و روي أن رجلا كان يجلس إلى بعض العلماء و لا يتكلم، فقيل له يوما: أ لا تتكلم؟قال:

نعم أخبرني لأي شي‌ء يستحب صيام الأيام البيض من كل شهر؟فقال: لا أدري: فقال الرجل:

لكني أدري. قال: و ما هو؟قال لأن القمر لا ينكسف إلا فيهن، فأحب اللّه تعالى أن لا يحدث في السماء آية، إلا حدث في الأرض مثلها. و هذا أحسن ما قيل فيه. و ذكر [2] ابن خلكان أن رجلا كان يجالس الشعبي و يطيل الصمت فقال له الشعبي يوما أ لا تتكلم؟فقال: أصمت فأسلم، و أسمع فأعلم، إن حظ المرء في أذنه له، و في لسانه لغيره. و تكلم شاب يوما عند الشعبي بكلام، فقال الشعبي: ما سمعنا بهذا. فقال الشاب: أكل العلم سمعت؟قال: لا. قال فشطره؟قال:

نعم. قال: فاجعل هذا في الشطر الذي لم تسمعه. فأفحم الشعبي. و أبو يوسف هو أول من دعي بقاضي القضاة، و أول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التي هم عليها إلى هذا الزمان، و كان ملبوس الناس قبل ذلك، شيئا واحدا لا يتميز أحد عن أحد بلباسه و حكي أن عبد الرحمن بن مسهر، كان قاضيا على بليدة، بين بغداد و واسط، يقال لها المبارك، فبلغه خروج الرشيد إلى البصرة، و معه أبو يوسف القاضي في الحراقة. فقال عبد الرحمن لأهل المبارك:

اثنوا علي عندهما، فأبوا عليه. فلبس ثيابه و تلقاهما، و قال نعم القاضي قاضينا، ثم مضى إلى موضع آخر و أعاد عليهما هذا القول فالتفت الرشيد إلى أبي يوسف و قال: يا يعقوب قاض في موضع لا


[1] البيتان في وفيات الأعيان: 6/383 دون عزو.

[2] وفيات الأعيان: 3/14، و الشعبي هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار، يمني الأصل، من حمير و هو كوفي تابعي عالم بالمغازي و السير و الحديث. مات سنة 105 هـ- بالكوفة.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست