اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 125
خلافة أحمد المستعين باللّه و هو السادس فخلع و قتل
ثم قام بالأمر بعده ابن عمه أحمد المستعين باللّه بن محمد المعتصم. بويع له بالخلافة ليلة الاثنين لست خلون من شهر ربيع الآخر، و عمره إذ ذاك ثمان و عشرون سنة، و كان كثير الجماع، مغرما يحب النساء و كان له ابنة عم بديعة الحسن و الجمال، فطلبها من أبيها فامتنع فأحضر الأصمعي [1] و الرقاشي [2] و أبا نواس [3] ، و قال: كل من أنشد لي بطبق مرادي في ابنة عمي أعطيته الجائزة العظمى فانشد أبو نواس:
ما روض ريحانكم الزاهر # و ما شذا نشركم العاطر
و حق وجدي و الهوى قاهر # مذ غبتمو لم يبق لي ناظر
و القلب لا سال و لا صابر # قالت: ألا لا تلجن دارنا
و كابد الأشواق من أجلنا # و اصبر على مر الجفا و الضنا
و لا تمرن على بيتنا # إن أبانا رجل غائر
فقلت: إني طالب غرة # يحظى بها القلب و لو مرة
قالت: بعيد ذاك مت حسرة # قلت سأقضي غرتي جهرة
منك و سيفي صارم باتر # قالت: فإن البحر من بيننا
فابرح و لا تأت إلى حينا # و اشرب بكأس الموت من هجرنا
قلت و لو كان كثير العنا # يكفيك إني سابح ماهر
قالت: فإن القصر عالي البنا # قلت: و لو كان عظيم السنا [4]
أو كان بالجو بلغت المنى # قالت: منيع في الورى [5] قصرنا
قلت و إني فوقه طائر # قالت فعندي لبوة والد
فقلت إني أسد شارد # غشمشم مقتنص صائد
قالت: لها شبل بها لا بد # قلت: و إني لبثها الكاسر
قالت فعندي إخوة سبعة # جمعا إذا ما التقوا عصبة
قلت و لي يوم اللقا وثبة # قالت: لهم يوم الوغى سطوة
قلت: إني قاتل قاهر # قالت: فإن اللّه من فوقنا
يعلم ما نبديه من شوقنا # نمضي إلى الحق غدا كلنا
و نختشي النقمة من ربنا # قلت: و ربي ساتر غافر
[1] هو عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي، راوية، إمام في اللغة و الشعر و أيام العرب، مات في البصرة سنة 216 هـ-.
[2] الرقاشي: الفضل بن عبد الصمد بن الفضل، أبو العباس، شاعر مجيد، مدح البرامكة و الخلفاء، مات سنة 200 هـ-.
[3] أبو نواس: الحسن بن هانئ الشاعر المتهتك، عاش في البصرة، ثم بغداد كالرقاشي، مات سنة 198 هـ-.