responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسه في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 417
وليس من التنكر للشعر الذاتي أن نقول أن بدرا كان على خير أحواله إجادة حين كان يستطيع أن يوحد بين أزمته الذاتية وأزمة أمته، أو حين يجعل التجربتين غير متباعدتين، ذلك أنه لم يكن قادرا على أن يخرج نفسه من الصورة في كل حين، ولهذا أجاد حين كان يتحدث مثلا عن الأطفال ودنياهم لأنه كان يصور نفسه من خلال ذلك، وكذلك كان حاله إذا تحدث عن أهوال الفقر والجوع والسجن، وإن من يسمع نشيد صغار بابل وهم يخاطبون عشتار في " مدينة بلا مطر " لا يستطيع أن يفصله عن لوعة السياب في حنينه إلى الأم [1] :
جياع نحن مرتجفون في الظلمه ... ونبحث عن يد في الليل تطعمنا، تغطينا ... نشد عيوننا المتلفتات بزندها العاري ... ونبحث عنك في الظلماء عن ثديين، عن حلمه ... فيا من صدرها الأفق الكبير وثديها الغيمه ... سمعت نشيجنا ورأيت كيف نموت فاسقينا ... ولا ريبفي أن صورة تموز مقتولا، كانت اكثر تعلقا بقلبه من صورة تموز منبعثا بالحياة والخصب، وصورة المصلوب كانت أشد تجاوبا مع نفسه من صورة باعث لعازر، وقل مثل ذلك في الجوانب السلبية من هاتين الصورتين وما يتصل بهما من رموز.
ومن الأمور التي لا يمر الدارس عنها عابرا محاولة السياب التنويع في النغمات الشعرية فهو لم يكتف بالأبحر ذات التفاعيل المتكررة كالكامل والرجز والرمل والمتقارب، وإنما عمد إلى بحور أخرى فحاول تجزئتها كالطويل والبسط، وحاول كذلك التنقل في القصيدة الواحدة من بحر إلى آخر، وقد قلت أن المحاولة يحكم عليها بقرائنها ولا

[1] ديوان أنشودة المطر: 175.
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسه في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست