اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 316
إليه، قال فيه شعرا، و صاغ له لحنا، كما كان فعل حين نفق مركوبه شبديز، و لم يجسروا على إنهاء ذلك، فغنّى بها و ذكر أنه ممدود في آريّة، مادّ قوائمه لا يعتلف و لا يتحرك، فقال الملك: «هذا قد نفق إذن» . قال:
«أنت قلت ذلك أيها الملك» ، و كان يضطره بأشعاره أن يتكلم بالذي يكره عمّا له أن يستقبلوه به.
ذكروا أن العلة في صبّ الماء، أنه كان أول من تكلم في المهد، قبل المسيح، زو بن طهماسب [1] ، و كان مات أبوه على قحط شديد قد شمل الأقاليم، فتكلم، و دعا اللّه تبارك و تعالى، فسقي الناس الغيث، و أخصبت أرضهم، و عاشت مواشيهم، فجعلوا صب الماء فيه سنة.
و قد حكي أيضا عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن الحسن، عليهم السلام، أنه قال في ذلك: أن أناسا من بني إسرائيل أصابهم الطاعون، فخرجوا من مدينتهم هاربين إلى أرض العراق، فبلغ كسرى خبرهم، فأمر أن تبنى لهم حظيرة يجعلون فيها، لترجع انفسهم إليهم؛ فلما صاروا في الحظيرة ماتوا، و كانوا أربعة آلاف نفس.
ثم أن اللّه تعالى أوحى إلى بني ذلك الزمان: «أن رأيت محاربة بلاد كذا، فحاربهم ببني فلان» . فقال: «يا رب، كيف أحاربهم، و قد ماتوا» ؟فأوحى اللّه إليه: إني أحييهم لتحارب بهم، و تظفر بعدوّك، فأمطر اللّه عز و جل ليلة صب الماء، فأصبحوا أحياء، فهم الذين قال اللّه تعالى فيهم: