اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 31
فهل عندك دواء؟» قال: «نعم. خذ خوفقا و سربقا و رقرقا، فاغسله و اشربه بماء» . فقال: «لا أدري ما تقول» ، قال: «و لا أنا دريت ما قلت» .
قال: و قال يوما آخر: «إني أجد معمعة في قلبي، و قرقرة في صدري» ، فقال له: «أما المعمعة فلا أعرفها، و أما القرقرة فهي ضراط غير نضيج» .
قال: و أتى رجل الهيثم بن العريان، بغريم له قد مطله حقه، فقال:
«أصلح اللّه الأمير!إنّ لي على هذا حقا قد غلبني عليه» . فقال له الآخر:
«أصلحك اللّه. إن هذا باعني عنجدا [1] ، و استنسأته [2] حولا، و شرطت عليه أن أعطيه مياومة، فهو لا يلقاني في لقم [3] إلاّ اقتضاني ذهبا» . فقال له الهيثم: «أ من بني أمية أنت» ؟قال: لا. قال: «فمن بني هاشم أنت» ؟ قال: لا. قال: «أ فمن أكفائهم من العرب» ؟قال: لا. قال: «و يلي عليك!انزعوا ثيابه» . فلما أرادوا أن ينزعوا ثيابه قال: «أصلحك اللّه، إن إزاري مرعبل» [4] . قال: «دعوه، فلو ترك الغريب في موضع لتركه في هذا الموضع» .
قال: و مرّ أبو علقمة ببعض الطرق، فهاجت به مرّة، فوثب عليه قوم، فجعلوا يعصرون ابهامه، ثم يؤذنون في أذنه. فأفلت من أيديهم، فقال:
«ما بالكم تتكأكئون [5] عليّ تكأكؤكم على ذي جنة؟افرنقعوا [6] عني» .
فقال رجل منهم: «دعوه، فإنّ شيطانه يتكلم بالهندية» .
قال: وقى لحجّام يحجمه: «اشدد قصب الملازم، و أرهف ظبّة المشارط، و خفّف الوضع، و عجل النزع، و ليكن شرطك و خزا، و مصّك نهزا، و لا تكرهنّ أبيا، و لا تردن أتيّا» . فوضع الحجّام محاجمه في جونته، و انصرف.