اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 188
«فباطل ما قال أبوك» !قالت: «فما قال» ؟قلت، قال:
كم ناقة قد وجأت منحرها # لمستهلّ الشؤبوب أو جمل
قالت: «يا عماه فذلك القول من أبي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء» ، قال و أتى زياد الأقطع باب الفرزدق، و كان له صديقا، فخرجت إليه ابنة الفرزدق، و كانت تسمى «مكية» ، و أمها حبشية، فقال لها: «ما اسمك» ؟قالت: «مكية» قال: «ابنة من» ؟قالت: «ابنة الفرزدق» ، قال: «فأمك» ؟قالت: «حبشية» ، فأمسك عنها فقالت: «ما بال يدك مقطوعة» ؟قال: «قطعها الحرورية» ، قالت: «بل قطعت في اللصوصية» ، قالت: «عليك و على أبيك لعنة اللّه» ، و جاء الفرزدق فأخبر بالخبر، فقال:
«أشهد أنها بنتي» ، و أنشأ يقول:
حام إذا ما كنت ذا حميّه # بدارميّ بنته صبيّة
صمحمح مثل أبي مكّيّة
و حدث سليمان بن عباس السعدي قال: كان كثير يلقى حاج أهل المدينة بقديد على ست مراحل، ففعل عاما من الأعوام غير يومهم الذي نزلوا فيه، فوقف حتى ارتفع النهار، فركب جملا في يوم صائف، و وافى قديدا و قد كل بعيره و تعب، فوجدهم قد ارتحلوا، و قد بقي فتى من قريش، فقال الفتى لكثيّر: «اجلس» . قال: فجلس كثير إلى جنبي، و لم يسلم عليّ، فجاءت امرأة و سيمة جميلة، فجلست إلى خيمة من خيام قديد، و استقبلت كثيّرا فقالت: «أنت كثيّر» ؟قال: «نعم» ، قالت: «أنت ابن أبي جمعة» ؟ قال: «نعم» ، قالت: أنت الذي تقول:
و كنت إذا ما جئت أجللن مجلسي # و أضمرن مني هيبة لا تجهّما
قال: «نعم» ، قالت: «فعلى هذا الوجه هيبة، إن كنت كاذبا فعليك
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 188