اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 178
فقال الأعرابي:
نظرت إلى أواخرها ضحيّا # و قد بانت و أرض الشّام أمّت
فقالت عنان:
كتمت هواكم في الصّدر منّي # على أنّ الدّموع عليّ نمّت
فقال الأعرابي: «أنت و اللّه أشعرنا، و لو لا أنك بحرمة رجل لقبلتك، و لكني أقبل البساط» . و قال بعضهم: دخلت عليّ عنان فإذا عليها قميص يكاد يقطر صبغة و قد تناولها مولاها بضرب شديد و هي تبكي فقلت:
إنّ عنانا أرسلت دمعها # كالدّرّ إذ ينسلّ من سمطه
فقالت و أشارت إلى مولاها:
فليت من يضربها ظالما # تجفّ يمناه على سوطه
فقال مولاها: «هي حرة لوجه اللّه إن ضربتها ظالما أو غير ظالم» .
قال: و اجتمع أبو نواس، و الفضل الرقاشي، و الحسين الخليع، و عمرو الوراق، و محكم بن رزين، و الحسين الخياط [1] في منزل عنان فتناشدوا إلى وقت العصر، فلما أرادوا الانصراف قالوا: «أين نحن الليلة» ؟ فكل قال: «عندي» ؟فقالت عنان: «باللّه قولوا شعرا و أرضوا بحكمي» ، فقال الرقاشي:
عذراء ذات احمرار # إني بها لا أحاشي
قوموا نداماي روّوا # مشاشكم من مشاشي
و ناطحوني كئوسا # نطاح صلب الكباش
و إن نكلت فحلّ # لكم دمي و رياشي
[1] أبو نواس، الحسن بن هاني (146-198 هـ) ولد في الأهواز و نشأ في البصرة و رحل إلى بغداد و اتصل بالخلفاء العباسيين و مدح بعضهم. و عاش حياة نهك و مجون مع زمرة من الشعراء أمثال الفضل الرقاشي، و الحسين الخليع، و الحسين الخياط، و محكم بن رزين.
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 178