اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 174
فلما مات توبة، مز زوج ليلى بليلى على قبره، فقال لها: «سلمي على توبة فإنه زعم في شعره أنه يسلم عليك تسليم البشاشة» ، فقالت: «ما تريد إلى من بليت عظامه» ، فقال: «و اللّه لتفعلن» ، فقالت و هي على البعير: «سلام عليك يا توبة، فتى الفتيان» . و كانت قطاة مستظلة في ثقب من ثقب القبر، فلما سمعت الصوت، طارت و صاحت، فنفر البعير و رمى بليلى فماتت، فدفنت إلى جنب قبر توبة. قال: و سأل الحجاج ليلى:
«هل كان بينك وين توبة ريبة قط» ؟قالت: «لا و الذي أسأله صلاحك أنه مرة قال لي قولا ظننت أنه خنع لبعض الأمر» فقلت له:
و ذي حاجة قلنا له لا تبح بها # فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه # و أنت لأخرى فارغ و خليل
فما كلمني بعد ذلك بشيء، حتى فرق بيني و بينه الموت.
قال الحجاج: «فما كان بعد ذلك» ؟قالت: لم يلبث أن قال لصاحب له: إذا أتيت الحاضر من بني عباد فقل بأعلى صوتك:
عفا اللّه عنها هل أبيتنّ ليلة # من الدّهر لا يسري إليّ خيالها
فلما سمعت الصوت، خرجت، فقلت:
و عنه عفا ربّي و أحسن حاله # تعزّ علينا حاجة لا ينالها
قال: و دخلت ليلى على الحجاج فأنشدته قولها فيه:
إذا نزل الحجّاج أرضا سقيمة # تتبّع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الدّاء العضال الذي بها # غلام إذا هزّ القناة ثناها
أ حجّاج لا تعطي العصاة مناهم # و لا اللّه يعطي للعصاة مناها
فوصلها الحجاج بألف دينار، و قال: لو قلت: «بدل غلام همام لكان أحسن» .
هند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان قيل: لما قتل شيبة و عتبة، ابنا ربيعة، و الوليد بن عتبة، رثتهم هند فقالت:
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 174