responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 117

محاسن حب الوطن‌

قال عمر بن الخطاب: لو لا حب الوطن لخرب بلد السوء. و كان يقال: بحب الأوطان عمرت البلدان‌ [1] ، و قال جالينوس: يتروح العليل بنسيم أرضه كما تتروح الأرض الجدبة ببل المطر. و قال بقراط: يداوي كل عليل بعقاقير أرضه كأن الطبيعة تنزع إلى غذائها، و مما يؤكد ذلك قول أعرابي و قد مرض بالحضر فقيل له: ما تشتهي؟فقال: مخيضا روبا و ضبا مشويا، و قد قيل: أحق البلدان بنزاعك إليها بلد أمصّك حلب رضاعه، و قيل: احفظ أرضا ارسخك رضاعها، و اصلحك غذاؤها، و أرع حمى اكتنفك فناؤه.

و قيل: لا تشك بلدا فيه قبائلك. و قيل: من علامة الرشد أن تكون النفس إلى أوطانها مشتاقة و إلى مولدها تواقة. و حدثنا بعض بني هاشم قال: قلت لأعرابي: من أين أقبلت؟قال: من هذه البادية، قلت: و أين تسكن منها؟ قال: مساقط الحمى حمى ضرية ما أن لعمر اللّه أريد بها بدلا و لا ابتغى عنها حولا حفتها الفلوات فلا يملو لح ماؤها و تحمى تربتها ليس فيها أذى و لا قذى و لا وعك و لا لوم و نحن بارفه عيش و أوسع معيشة و اسبغ نعمة. قلت: ما طعامكم؟قال: بخ بخ الهبيد و الضباب و اليرابيع مع القنافذ و الحيات و ريثما اللّه أكلنا القد و اشتوينا الجلد فلا نعلم أحدا اخصب منا عيشا، فالحمد للّه على ما رزق من السعة و بسط من حسن الدعة.


[1] للجاحظ رسالة في حب الأوطان عنوانها: «رسالة الأوطان و البلدان» نشرناها ضمن رسائل الجاحظ السياسة، (دار و مكتبة الهلال، بيروت، 1967) . قارنها بما جاء في هذا الكتاب.

اسم الکتاب : المحاسن و الأضداد المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست