اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 82
و قال مؤمن في ربيع المغنى، و كان يتغنى و ينقر في الدواة:
غناؤك يا ربيع أشدّ بردا # إذا حمي الهجير من الصّقيع
و نقرك في الدّواة أشدّ منه # فما يصبو إليك سوى رقيع
أغثنا في المصيف إذا تلظى # و دعنا في الشّتاء و في الربيع
باب من الرقائق
و قد جبل أكثر الناس على سوء الاختيار، و قلة التحصيل و النظر مع لؤم الغرائز، و ضعف الهمم. و قلّ من يختار من الصنائع أرفعها، و يطلب من العلوم أنفعها. و لذلك كان أثقل الأشياء عليهم و أبغضها إليهم مئونة التحفظ، و أخفها عندهم و أسهلها عليهم إسقاط المروءة.
و قيل لبعضهم: ما أحلى الأشياء كلها؟قال الارتكاس [1] .
و قيل لعبد اللّه بن جعفر: ما أطيب العيش؟قال: هتك الحياء و اتباع الهوى.
و قيل لعمرو بن العاص: ما أطيب العيش؟قال: ليقم من هنا من الأحداث قال:
فلما قاموا، قال: [أطيب]العيش كله إسقاط المروءة.
و أي شيء أثقل على النفس من مجاهدة الهوى و مكابدة الشهوة؟و من ذلك كان سوء الاختيار أغلب على طبائع من حسن الاختيار.
المبرد و كتابه الروضة
أ لا ترى أن محمد بن يزيد النحوي-على علمه باللغة و معرفته باللسان-وضع كتابا سماه بالروضة، و قصد فيه إلى أخبار الشعراء المحدثين، فلم يختر لكل شاعر إلا أبرد ما وجد له، حتى انتهى إلى الحسن بن هانئ-و قلما يأتي له بيت ضعيف، لرقة فطنته، و سبوطة بنيته، و عذوبة ألفاظه-فاستخرج له من البرد أبياتا ما سمعناه و لا رويناها، و لا ندري من أين وقع عليها، و هي:
[1] الارتكاس: الاستفذار، او بروز الثدي، أو الارتداد إلى الكفر.
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 82