أهدت جارية من جواري المأمون تفاحة له، و كتبت إليه:
إني يا أمير المؤمنين لما رأيت تنافس الرعية في الهدايا إليك، و تواتر ألطافهم عليك، فكرت في هدية تخف مئونتها، و تهون كلفتها، و يعظم خطرها، و يجلّ موقعها؛ فلم أجد ما يجتمع فيه هذا النعت، و يكمل فيه هذا الوصف، إلا التفاح؛ فأهديت إليك منها واحدة في العدد، كثيرة في التصرّف؛ و أحببت يا أمير المؤمنين أن أعرب لك عن فضلها، و أكشف لك عن محاسنها، و أشرح لك لطيف معانيها، و ما قالت الأطباء فيها، و تفنّن الشعراء في أوصافها، حتى ترمقها بعين الجلالة، و تلحظها بمقلة الصيانة؛ فقد قال أبوك الرشيد رضي اللّه عنه: أحسن الفاكهة التفاح، اجتمع فيه الصفرة الدّرّية، و الحمرة الخمرية، و الشّقرة الذهبية، و بياض الفضة، و لون التبر؛ يلذ بها من الحواس: العين ببهجتها، و الأنف بريحها، و الفم بطعمها. و قال أرسطاطاليس الفيلسوف عند حضوره الوفاة، و اجتمع إليه تلاميذه: التمسوا لي تفاحة أعتصم