اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 30
طويس و أبان
حدّثنا جعفر بن محمد قال: لما ولى أبان بن عثمان بن عفان المدينة لمعاوية بن أبي سفيان، قعد في بهو له عظيم، و اصطف له الناس، فجاء طويس المغني و قد خضب [1]
يديه غمسا، و اشتمل على دف له، و عليه ملاءة مصقولة؛ فسلّم ثم قال: بأبي و أمي يا أبان، الحمد للّه الذي أرانيك أميرا على المدينة؛ إني نذرت للّه فيك نذرا إن رأيتك أن أخضب يدي غمسا و أشتمل على دفي و آتي مجلس إمارتك و أغنيك صوتا!قال:
فقال: يا طويس، ليس هذا موضع ذاك. قال: بأبي أنت و أمي يا بن الطيّب أبحني.
قال: هات يا طويس. فحسر عن ذراعيه و ألقى رداءه و مشى بين السماطين [2] و غنى:
ما بال أهلك يا رباب # خزرا كأنهم غضاب
قال: فصفق أبان بيديه، ثم قام عن مجلسه فاحتضنه و قبّل بين عينيه، و قال:
يلومونني على طويس! ثم قال له: من أسنّ، أنا أو أنت؟قال: و عيشك لقد شهدت زفاف أمّك المباركة إلى أبيك الطيب!انظر إلى حذقه و رقة أدبه، كيف لم يقل: أمك الطيبة إلى أبيك المبارك.
هو و بكر و سعيد
و عن الكلبي قال: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الحج و هو والي المدينة، و خرج الناس معه؛ و كان فيمن خرج: بكر بن إسماعيل الأنصاري، و سعيد بن عبد الرحمن ابن حسان بن ثابت؛ فلما انصرفا راجعين مرّا بطويس المغني، فدعاهما إلى النزول عنده؛ فقال بكر بن إسماعيل: قد البعير إلى منزلك. فقال له سعيد بن عبد الرحمن:
أتنزل على هذا المخنّث؟فقال: إنما هو منزل ساعة ثم نذهب. و احتمل طويس الكلام عن سعيد، فأتيا منزله، فإذا هو قد نظفه و نجّده، فأتاهما بفاكهة الشام