responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 243

كتاب الزبرجدة الثانية في بيان طبائع الانسان و سائر الحيوان‌

قال أحمد بن محمد بن عبد ربه رحمه اللّه: قد مضى قولنا في المتنبئين، و الممرورين و البخلاء، و الطفيليين.

و نحن قائلون بعون اللّه و توفيقه في طبائع الإنسان و سائر الحيوان، و تفاضل البلدان، و النعمة و السرور؛ إذ لم يكن مدار الدنيا إلا عليها، و لا قوام الأبدان إلا بها؛ و إذ هي نمو الفراسة، و تركيب الغريزة، و اختلاف الهمم، و طيب الشيم و تفاضل الطعوم.

و قد تكلم الناس في النعمة و السرور، على تباين أحوالهم، و اختلاف هممهم و تفاوت عقولهم، و ما يجانس كل رجل منهم في طبعه، و يؤلفه في نفسه، و يميل إليه في وهمه؛ و إنما اختلف الناس في هذا المذهب لاختلاف أنفسهم، فمنهم من نفسه غضبية، فإنما همه منافسة الأكفاء، و مغالبة الأقران، و مكاثرة العشيرة و منهم من نفسه ملكية، فإنما همه اليقين في العلوم، و إدراك الحقائق، و النظر في العواقب؛ و منهم من نفسه بهيمية، فإنما همه طلب الراحة، و انهماك النفس على الشهوة من الطعام و الشراب و النكاح؛ و على هذه الطبيعة البهيمية قسمت الفرس دهرها كلّه، فقالوا: يوم المطر للشرب، و يوم الريح للنوم، و يوم الدجن للصيد، و يوم الصحو للجلوس. و هي أغلب الطبائع على الإنسان، لأخذها بمجامع هواه، و إيثار الراحة و قلة العمل، فمنه قولهم: الرأي نائم و الهوى يقظان؛ و قولهم: الهوى إله معبود؛ و قولهم: ربيع القلب ما اشتهى، و قولهم: لا عيش كطيب النفس.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست