responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 164

ثم قال: أ لا ترى النصف الأوّل كيف استأذن على القلب فلم يأذن له، و النصف الثاني استأذن على القلب فأذن له؟قلت: و ما ذا؟قال: مثل قول الشاعر:

ندمت على ما كان منذ فقدتني # كما ندم المغبون حين يبيع‌

قال: أ لا تستطيب قوله «فقدتني» باللّه يا ابن إدريس؟قلت: بلى. فضرب بيده على فخذي و قال: قم يثبت اللّه لك قرنك!و ابن إدريس يومئذ ابن ثمانين سنة.

و حكي عنه ابن إدريس قال: مررت به في مربعة كندة، و هو جالس على رماد و بيده قطعة من جص و هو يخبط بها في الرماد؛ فقلت له: ما تصنع هاهنا يا ابن أبي مالك؟قال: ما كان يصنع صاحبنا. قلت: و من صاحبك؟قال: مجنون بني عامر.

قلت: و ما كان يصنع؟قال: أ ما سمعته يقول:

عشيّة مالي حيلة غير أنني # بلقط الحصى و الجصّ في الدار مولع‌

قلت: ما سمعته!فرفع رأسه إليّ متضاحكا، فقال: ما يقول اللّه عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلى‌ََ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ اَلظِّلَّ وَ لَوْ شََاءَ لَجَعَلَهُ سََاكِناً [1] فأنت سمعته أو رأيته هذا كلام من كلام العرب و لا علم لك به.

قلت: يا بن أبي مالك، متى تقوم القيامة؟قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، غير أنه من مات قامت قيامته.

قلت: فالمصلوب يعذّب عذاب القبر؟قال: إن حقت عليه كلمة العذاب يعذب، و ما يدريك لعل جسده في عذاب من عذاب اللّه لا تدركه أبصارنا و لا أسماعنا، فإن للّه لطفا لا يدرك.

قلت: ما تقول في النبيذ حلال أم حرام؟قال: حلال. قلت: أ تشربه؟قال إن شربته فقد شربه وكيع، و هو قدوة. قلت: أ تقتدي بوكيع في تحليله و لا تقتدي بي


[1] سورة الفرقان الآية 45.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 7  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست