اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 15
نظر إلى ما فيه القوم من التعبد و الغزو و السرايا في كل يوم، التفت إلينا فقال: إنا للّه و إنا إليه راجعون على أعمار أفنيناها، و أيام و ليال قد قطعناها في علم الشعر، و تركنا هاهنا أبواب الجنة مفتوحة!قال: فبينما هو يمشي و نحن معه في أزقة المصيصة، إذا نحن بسكران قد رفع صوته يغني:
أذلني الهوى فأنا الذّليل # و ليس إلى الذي أهوى سبيل
فأخرج برنامجا من كمه، فكتب البيت؛ فقلنا له: أ تكتب بيت شعر سمعته من سكران؟قال: أ ما سمعتم المثل: ربّ جوهرة في مزبلة!.
الاوقص المخزومي
قال: و ولي الأوقص المخزومي قضاء مكة، فما رؤي مثله في العفاف و النبل، فبينما هو نائم ذات ليلة في علّية له، إذ مر به سكران يتغنى و يلحن في غنائه، فأشرف المخزومي عليه، فقال: يا هذا، شربت حراما، و أيقظت نياما، و غنيت خطأ: خذه عني!فأصلحه عليه!.
و قال الاوقص المخزومي: قالت لي أمي: أي بنيّ، إنّك خلقت في صورة لا تصلح معها لمجامعة الفتيان في بيوت القيان، فعليك بالدين، فإن اللّه يرفع به الخسيسة و يتمّ به النقيصة، فنفعني اللّه بقولها.
الشعبي و بشر
و حدث عباس بن المفضل قاضي المدينة، قال: حدثني الزبير بن بكار قاضي مكة عن مصعب بن عبد اللّه قال: دخل الشعبي على بشر بن مروان و هو والي العراق لاخيه عبد الملك بن مروان، و عنده جارية في حجرها عود؛ فلما دخل الشعبي امرها فوضعت العود، فقال له الشعبي: لا ينبغي للامير ان يستحي من عبده. قال: صدقتم:
ثم قال للجارية: هاتي ما عندك. فأخذت العود و غنت:
و مما شجاني أنها يوم ودّعت # تولت و ماء العين في الجفن حائر
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 15