اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 12
الغناء فإنما هو من طريق أهل العراق، و قد ذكرنا أنهم يكرهونه.
لابن جريج و ابن عبيد
قال إسحاق بن عمارة: حدثني ابو المغلس عن أبي الحارث، قال: اختلف في الغناء عند محمد بن ابراهيم والي مكة، فأرسل إلى ابن جريح و إلى عمرو بن عبيد، فأتياه، فسألهما، فقال ابن جريج: لا بأس به، شهدت عطاء بن أبي رباح في ختان ولده و عنده ابن سريج المغني، فكان إذا غنى لم يقل له اسكت، و إذا سكت لم يقل له غنّ، و إذا لحن ردّ عليه. و قال عمرو بن عبيد: أ ليس اللّه يقول مََا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاََّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[1] ، فأيهما يكتب الغناء، الذي عن اليمين أو الذي عن الشمال؟فقال ابن جريج: لا يكتبه واحد منهما؛ لانه لغو كحديث الناس فيما بينهم من أخبار جاهليتهم و تناشد أشعارهم.
لابي يوسف
قال اسحاق: و حدثني إبراهيم بن سعد الزمري قال: قال أبو يوسف القاضي: ما أعجب امركم يأهل المدينة في هذه الاغاني!ما منكم شريف و لا دنيء يتحاشى عنها! قال: فغضبت و قلت: قاتلكم اللّه يأهل العراق!ما أوضح جهلكم و أبعد من السداد رأيكم!متى رأيت أحدا سمع الغناء فظهر منه ما يظهر من سفهائكم هؤلاء الذين يشربون المسكر فيترك أحدهم صلاته، و يطلق امرأته، و يقذف [2] المحصنة من جاراته، و يكفر بربه؛ فأين هذا من هذا؟من اختار شعرا جيدا ثم اختار جرما حسنا فردّده عليه فأطربه و أبهجه فعفا عن الجرائم، و أعطى الرغائب... ؟فقال أبو يوسف: قطعتني!و لم يحر جوابا.
الرشيد و الزهري
قال إسحاق: و حدّثني ابراهيم بن سعد الزهري قال: قال لي الرشيد: من بالمدينة