اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 7 صفحة : 109
فجئت لانظر إليها؛ و كان بيني و بينها رواق: فدعت بجفنة عظيمة من الثريد [1] مكللة باللحم، فأتت على آخرها و ألقت العظام نقية، ثم دعت بشنّ عظيم مملوءة لبنا، فشربته حتى أكفأته على وجهه، و قالت: يا جارية ارفعي السجف [2] ، فإذا هي جالسة على جلد أسد، و إذا شابة جميلة؛ فقالت: يا عبد اللّه، أنا أسدة، من بني أسد، و عليّ جلد أسد، و هذا طعامي و شرابي؛ فعلام ترى؟فإن أحببت أن تتقدم فتقدم، و إن أحببت أن تتأخر فتأخر!فقلت: أستخير اللّه في أمري و أنظر!قال: فخرجت و لم أعد!.
جارية لأمية و راغب في زواجها
قال: و حدثنا بعض اصحابنا ان جارية لأمية بن عبد اللّه بن خالد بن اسيد ذات ظرف و جمال، مرت برجل من بني سعد، و كان شجاعا فارسا، فلما رآها قال: طوبى لمن كانت له امرأة مثلك!ثم إنه أتبعها رسولا يسألها: أ لها زوج؟و يذكره لها؛ فقالت للرسول: ما حرفته؟فأبلغه الرسول قولها: فقال: ارجع اليها فقل لها:
و سائلة ما حرفتي؟قلت: حرفتي # مقارعة الابطال في كلّ شارق
إذا عرضت لي الخيل يوما رأيتني # أمام رعيل الخيل أحمي حقائقي
و أصبر نفسي حين لا حرّ صابر # على ألم البيض الرّقاق البوارق
فأنشدها الرسول ما قال، فقالت له: ارجع اليه و قل له: انت أسد فاطلب لنفسك لبوة، فلست من نسائك!و أنشدت هذه الأبيات:
ألا إنما أبغي جوادا بماله # كريما محيّاه قليل الصدائق
فتى همّه مذ كان خود كريمة # يعانقها بالليل فوق النمارق [3]
و يشربها صرفا كميتا مدامة # نداماه فيها كلّ خرق موافق [4]