قال أبو عبيدة: لما ظهر الإسلام-قبل أن يسلم أهل نجد و العراق-سارت بكر ابن وائل إلى السواد، و قالت: نغير على تميم بالشّيطين، فإن في دين ابن عبد المطلب: من قتل نفسا قتل بها: فنغير هذا العام ثم نسلم عليها!فارتحلوا من لعلع [4] بالذراري و الأموال: فأتوا الشيطين في أربع، و بينهما مسيرة ثمانية أميال، فسبقوا كل خير حتى صبحوهم و هم لا يشعرون، و رئيسهم يومئذ بشر بن مسعود بن قيس بن خالد ذي الجدين، فقتلوا بني تميم قتلا ذريعا، و أخذوا أموالهم، و استحرّ [5] القتل في بني العنبر و بني ضبة و بني يربوع، دون بني مالك بن حنظلة.
قال أبو عبيدة: حدثنا أبو الحمناء العنبري، قال قتل من بني تميم يوم الشّيطين ستّمائة رجل. قال: فوفد وفد بني تميم على النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فقالوا: ادع اللّه على بكر بن وائل!فأبى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال رشيد ابن رميص العنبري:
و ما كان بين الشّيطين و لعلع # لسوقنا إلاّ مراجع أربع
فجئنا بجمع لم ير النّاس مثله # يكاد له ظهر الوريعة يضلع [6]
بأرعن دهم شيّد البلق وسطه # له عارض فيه الأسنّة تلمع [7]
صبحنا به سعدا و عمرا و مالكا # فكان لهم يوم من الشّرّ أشنع
فخلّوا لنا صحن العراق و إنّه # حمى منهم لا يستطاع ممنّع