اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 44
عوابس ما تنفكّ تحت بطونها # سرابيل أبطال بنائقها حمر [1]
تركن ابن ذي الجدّين ينشج مسندا # و ليس له إلا ألاءته قبر [2]
و هنّ على خدّي شتير بن خالد # أثير عجاج من سنابكها كدر
إذا سوّمت للبأس يغشى ظهورها # أسود عليها البيض عادتها الهصر [3]
يهزّون أرماحا طوالا متونها # بهنّ الغنى يوم الكريهة و الفقر
أيام بكر على تميم يوم الوقيط
قال فراس بن خندف: تجمعت اللهازم [4] لتغير على تميم و هم غازون، فرأى ذلك ناشب الأعور بن بشامة العنبري، و هو أسير في بني سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس ابن ثعلبة، فقال لهم: أعطوني رسولا أرسله إلى بني العنبر، أوصيهم بصاحبكم خيرا ليولوه مثل الذي تولّوني من البرّ به و الإحسان إليه. و كان حنظلة بن الطفيل المرثدي أسيرا في بني العنبر، فقالوا له: على أن توصيه و نحن حضور. قال: نعم. فأتوه بغلام لهم، فقال: لقد أتيتموني أحمق. و ما أراه مبلغا عني!قال الغلام: لا و اللّه ما أنا بأحمق، و قل ما شئت فإني مبلغه. فملأ الأعور كفه من الرمل، فقال: كم هذا الذي في كفي من الرمل؟قال الغلام: شيء لا يحصى كثرة. ثم أومأ إلى الشمس، و قال: ما تلك؟قال: هي الشمس!قال: فاذهب إلى قومي فأبلغهم عني التحية، و قل لهم يحسنوا إلي أسيرهم و يكرموه، فإني عند قوم محسنين إليّ مكرمين لي، و قل لهم يقروا جملي الأحمر، و يركبوا ناقتي العيساء [5] ، بآية ما أكلت معهم حيسا [6] ، و يرعوا
[1] البنائق: جمع بنيقة: و هو طوق الثوب الذي يضم النحر و ما حوله
[2] ابن ذي الجدين: بسطام بن مسعود. و الألاءة: شجرة تشبه الآس لا تغير في القيظ