الفتها فاتخذتها وطنا # لأن قلبي لأهلها وطن
زوّج حيتانها الضباب بها # فهذه كنّة و ذا ختن [1]
فانظر و فكّر فيما تمرّ به # إنّ الاريب المفكّر الفطن
من سفن كالنعام مقبلة # و من نعام كأنها سفن
و قال الخليل بن أحمد:
يا صاحب القصر نعم القصر و الوادي # بمنزل حاضر إن شئت أو بادي
ترفي به السّفن و الظّلمان واقفة # و النّون و الضّبّ و الملاح و الحادي [2]
و قال اسماعيل بن ابراهيم الحمدوني:
بروضة صبغت أيدي الربيع لها # برودها و كستها وشيها عدن
عاجت عليها مطايا الغيث مسبلة # لهنّ في ضحكات أدمع هتن [3]
كأنما البين يبكيها و يضحكها # وصل حباها به من بعده سكن [4]
فولّدت صفرا أثوابها خضر # أحشاؤهنّ لأحشاء الندى وطن
من كلّ عسجدة في خدرها اكتتمت # عذراء في بطنها الياقوت مكتمن
و أنشد عمرو بن بحر الجاحظ:
أين إخواننا على السرّاء # أين أهل القباب و الدّهناء [5]
جاورونا و الأرض ملبسة نو # ر الاقاحي تجاد بالأنواء [6]
كلّ يوم بأقحوان جديد # تضحك الأرض من بكاء السماء
[1] الختن: كل من كان من قبل المرأة كابيها و أخيها. و الكنّة: امرأة الابن أو الأخ.
[2] النون: الحوت. و الضبّ: حيوان من جنس الزواحف، غليظ الجسم خشنه، و له ذنب عريض حرش أعقد. و الحادي: الذي يسوق الإبل.
[3] الهتن: جمع الهتون: و هو الكثير المطر.
[4] البين: الفرقة.
[5] الدهناء: الفلاة.
[6] الأنواء: جمع النوى: البعد، و الناحية يذهب اليها.