عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، قال: اني بباب المأمون إذ خرج عبد اللّه بن السمط، فقال لي: علمت أنّ امير المؤمنين على كماله لا يعرف الشعر!قلت له: و بم علمت ذلك؟قال: اسمعته الساعة بيتا لو شاطرني ملكه عليه لكان قليلا، فنظر إلى نظرا شزرا كاد يصطلمني [3] . قلت له: و ما البيت؟فأنشد:
أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا # بالدّين، و الناس بالدنيا مشاغيل
قلت له: و اللّه لقد حلم عليك إذ لم يؤدّبك عليه، ويلك!و إذا لم يشتغل هو بالدنيا فمن يدبّر أمرها؟أ لا قلت كما قال جدي في عبد العزيز بن مروان:
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه # و لا عرض الدنيا عن الدّين شاغله [4]
فقال: الآن علمت أنني أخطأت.
البعيث و جملة من الشعراء و الوليد
الهيثم بن عدي قال: دخل رجل من أصحاب الوليد بن عبد الملك عليه فقال: يا أمير المؤمنين، لقد رأيت ببابك جماعة من الشعراء لا احسبهم اجتمعوا بباب احد من الخلفاء، فلو أذنت لهم حتى ينشدوك!فأذن لهم، فأنشدوه، و كان فيهم الفرزدق، و جرير، و الاخطل، و الاشهب بن رميلة، و ترك البعيث فلم يأذن له، فقال الرجل
[1] الدّعج: جمع دعجاء و أدعج: و هو الذي اشتد سواد عينه و بياضها.