فأقصر جهلي اليوم و ارتدّ باطلي # عن اللهو لما ابيضّ مني الغدائر [1]
على أنه قد هاجه بعد صحوه # بمعرض ذي الآجام عيس بواكر [2]
و لما دنت من جانب الفرض أخصبت # و حلت و لاقاها سليم و عامر
و خبّرها الركبان أن ليس بينها # و بين قرى بصرى و نجران كافر
فألقت عصاها و استقرّ بها النّوى # كما قرّ عينا بالإياب المسافر [3]
لابن عمر في ولده سالم
و كان عبد اللّه بن عمر يحب ولده سالما حبّا مفرطا، فلامه الناس في ذلك، فقال:
يلومونني في سالم و ألومهم # و جلدة بين العين و الانف سالم
و قال: إن ابني سالما يحب اللّه حبا لو لم يخفه ما عصاه.
و كان علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه إذا برز للقتال أنشد:
أي يوميّ من الموت أفرّ # يوم لا يقدر أم يوم قدر
يوم لا يقدر لا أرهبه # و من المقدور لا ينجو الحذر
و كان إذا سار بأرض الكوفة يرتجز و يقول:
يا حبّذا السير بأرض الكوفة # أرض سواء سهلة معروفة
تعرفها جمالنا المعلوفة و كان ابن عباس في طريقه من البصرة إلى الكوفة يحدو الإبل، و يقول:
أوبي إلى أهلك يا رباب # أوبي فقد حان لك الإياب [4]
و قال ابن عباس لما كفّ بصره:
[1] الغدائر: جمع غديرة، و هي الذؤابة المضفورة من الشعر.
[2] عيس: جمع أعيس، و هو من الإبل الذي يخالط بياضة شقرة.
[3] النوى: البعد. و استقرت به النوى: أقام.
[4] الإياب: العودة.