اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 11
الرجال فتأخذ بأذناب الإبل، فإذا دخلوا علينا الشعب حلّت الرجالة عقل الإبل ثم لزمت أذنابها، فإنها تنحدر عليهم و تحن إلى مرعاها و وردها و لا يردّ وجوهها شيء، و تخرج الفرسان في أثر الرجالة الذين خلف الإبل، فإنها تحطم ما لقيت، و تقبل عليهم الخيل و قد حطموا من عل! قال الاحوص: نعم ما رأيت!فأخذ برأيه، و مع بني عامر يومئذ بنو عبس و غني في بني كلاب، و باهلة في بني كعب، و الأبناء ابناء صعصعة، و كان رهط المعقر البارقي يومئذ في بني نمير بن عامر، و كانت قبائل بجيلة كلها فيهم غير قسر.
قال أبو عبيدة: و أقبل لقيط و الملوك و من معهم، فوجدوا بني عامر قد دخلوا شعب جبلة، فنزلوا على فم الشّعب، فقال لهم رجل من بني أسد: خذوا عليهم فم الشعب حتى يعطشوا و يخرجوا، فو اللّه ليتساقطنّ عليكم تساقط البعر من است البعير! فأتوا حتى دخلوا الشعب عليهم و قد عقلوا الإبل و عطشوها ثلاثة اخماس [1] ، و ذلك اثنتا عشر ليلة، و لم تطعم شيئا، فلما دخلوا حلوا عقلها، فأقبلت تهوي، فسمع القوم دويّها في الشعب، فظنوا أن الشعب قد هدم عليهم، و الرجالة في أثرها آخذين بأذنابها، فدقّت كل ما لقيت، و فيها بعير أعور يتلوه غلام أعسر [2] آخذ بذنبه و هو يرتجز و يقول:
أنا الغلام الاعسر # الخير فيّ و الشرّ و الشرّ فيّ أكثر
فانهزموا لا يلوون على أحد، و قتل لقيط بن زرارة، و أسر حاجب بن زرارة أسره ذو الرّقيبة، و أسر سنان بن أبي حارثة المري أسره عروة الرحال، فجز ناصيته [3]
و أطلقه فلم تشنه، و أسر عمرو بن عمرو بن عدس، أسره قيس بن المنتفق فجزّ
[1] أخماس: جمع خمس، و هن من أظماء الإبل، و ذلك أن ترعى ثلاثة أيام و ترد في الرابع.