اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 363
ثلاثة الأيام و الأربعة، حتى دخلت علينا هذه الحمراء-يعني الموالي-فجعلت تليق استاهها بالماء كما تلاق [1] الدواة.
و نظر رجل من الأعراب إلى رجل من الموالي يستنجي بماء كثير، فقال له: إلى كم تغسلها ويلك!أ تريد أن تشرب بها سويقا! و كان عقيل بن علقمة المرّي أشدّ الناس حميّة في العرب، و كان ساكنا في البادية، و كان يصهر إليه الخلفاء؛ و قال لعبد الملك بن مروان و خطب إليه ابنته الجرباء: جنّبني هجناء ولدك. و هو القائل:
كنّا بنو غيظ رجالا فأصبحت # بنو مالك غيظا و صرنا لمالك
لحى اللّه دهرا ذعذع المال كلّه # و سوّد أشباه الإماء العوارك [2]
و قال ابن أبي ليلى: قال لي عيسى بن موسى و كان جائرا شديد العصبية: من كان فقيه البصرة؟قلت: الحسن بن أبي الحسن. قال: ثم من؟قلت: محمد بن سيرين. قال:
فما هما؟قلت: موليان.
قال: فمن كان فقيه مكة؟قلت: عطاء بن أبي رباح، و مجاهد بن جبر، و سعيد ابن جبير، و سليمان بن يسار. قال: فما هؤلاء؟قلت موالي.
فتغير لونه، ثم قال: فمن أفقه أهل قباء؟قلت ربيعة الرأي، و ابن أبي الزناد، قال: فما كانا؟قلت من الموالي.
فاربدّ وجهه، ثم قال: فمن كان فقيه اليمن؟قلت: طاوس، و ابنه و همام بن منبه.
قال: فما هؤلاء؟قلت: من الموالي.
فانتفخت أوداجه فانتصب قاعدا، [ثم]قال: فمن كان فقيه خراسان؟قلت:
عطاء بن عبد اللّه الخراساني. قال: فما كان عطاء هذا؟قلت: مولى.
[1] تلاق الدواة: يجعل لها ليقة، و الليقة صونة الدواة.