اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 356
و جاورت قوما ليس بيني و بينهم # أواصر إلا دعوة و بطون [1]
إذا ما دعا باسمي العريف أجبته # إلى دعوة ممّا عليّ يهون
لأزد عمان بالمهلّب نزوة # إذا افتخر الأقوام ثم تلين [2]
و بكر يرى أن النّبوة أنزلت # على مسمع في البطن و هو جنين
و قالت تميم لا نرى أنّ واحدا # كأحنفنا حتّى الممات يكون
فلا لمت قيسا بعدها في قتيبة # إذا افتخروا إنّ الفخار فنون
ردّ ابن قتيبة على الشعوبية
قال ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب:
و أمّا أهل التسوية فإن منهم قوما أخذوا ظاهر بعض الكتاب و الحديث، فقضوا به و لم يفتشوا عن معناه، فذهبوا إلى قوله عز و جل: يََا أَيُّهَا اَلنََّاسُ إِنََّا خَلَقْنََاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثىََ وَ جَعَلْنََاكُمْ شُعُوباً وَ قَبََائِلَ لِتَعََارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللََّهِ أَتْقََاكُمْ[3] و قوله: إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ[4] و إلى قول النبي عليه الصلاة و السّلام في خطبته في حجة الوداع: أيها الناس، إن اللّه قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية و تفاخرها بالآباء. ليس لعربي على عجمي فخر إلا بالتقوى، كلكم لآدم و آدم من تراب.
و قوله: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، و يسعى بذمتهم أدناهم، و هم يد على من سواهم.
و إنما المعنى في هذا أن الناس كلهم من المؤمنين سواء في طريق الأحكام و المنزلة عند اللّه عز و جل و الدار الآخرة.
لو كان الناس كلهم سواء في أمور الدنيا ليس لأحد فضل إلا بأمر الآخرة، لم يكن في الدنيا شريف و لا مشروف و لا فاضل و لا مفضول؛ فما معنى قوله صلّى اللّه عليه و سلم «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» . و قوله صلّى اللّه عليه و سلم: «اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم» . و قوله صلّى اللّه عليه و سلم في قيس بن عاصم: «هذا سيد الوبر» . [5] و كانت العرب تقول: لا يزال الناس بخير ما