اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 355
فهذا كان شأن العرب و العجم في جاهليتها. فلما أتى اللّه بالإسلام كان للعجم شطر الإسلام؛ و ذلك أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم بعث إلى الأحمر و الأسود من بني آدم، و كان أوّل من تبعه حرّ و عبد و اختلف الناس فيهما، فقال قوم: أبو بكر و بلال، و قال قوم:
عليّ و صهيب.
و لما طعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قدم صهيبا على المهاجرين و الأنصار فصلى بالناس و قيل له: استخلف. فقال: ما أجد من أستخلف. فذكر له الستة من أهل حراء، فكلهم طعن [1] عليه، ثم قال: لو أدرك سالما مولى أبي حذيفة حيا لما شككت فيه. فقال في ذلك شاعر العرب:
هذا صهيب أمّ كلّ مهاجر # و علا جميع قبائل الأنصار
لم يرض منهم واحد لصلاتنا # و هم الهداة و قادة الأخيار
هذا و لو كان المثرّم سالم # حيّا لنال خلافة الأمصار
ما بال هذي العجم تحيا دوننا # إن الغويّ لفي عمى و خسار [2]
و قال بجير يعيّر العرب باختلافها في النسب و استلحاقها للأدعياء:
زعمتم بأن الهند أولاد خندف # و بينكم قربى و بين البرابر
و ديلم من نسّل ابن ضبّة باسل # و برجان من أولاد عمرو بن عامر
فقد صار كلّ الناس أولاد واحد # و صاروا سواء في أصول العناصر
بنو الأصفر الأملاك أكرم منكم # و أولى بقربانا ملوك الأكاسر [3]
أ تطمع في صهري دعياّ مجاهرا # و لم تر سترا من دعيّ مجاهر
و تشتم لؤما رهطه و قبيله # و تمدح جهلا طاهرا و ابن طاهر
و قد ذكرت هذا الشعر تامّا في كتاب النساء و الأدعياء و النجباء.