اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 223
و قائلة و النعش قد فات خطوها # لتدركه يا لهف نفسي على صخر
ألا ثكلت أمّ الذين غدوا به # إلى القبر ما ذا يحملون إلى القبر
عائشة و الخنساء في صدار كانت تلبسه:
دخلت خنساء على عائشة أم المؤمنين رضي اللّه تعالى عنها و عليها صدار من شعر قد استشعرته إلى جلدها؛ فقال لها: ما هذا يا خنساء؟فو اللّه لقد توفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فما لبسته!قالت: إنّ له معنى دعاني إلى لباسه؛ و ذلك أنّ أبي زوّجني سيد قومه، و كان رجلا متلافا، فأسرف في ماله حتى أنفده، ثم رجع في مالي فأنفده أيضا، ثم التفت إليّ فقال: إلى أين يا خنساء؟قلت: إلى أخي صخر. قالت: فأتيناه فقسم ماله شطرين، ثم خيّرنا في أحسن الشطرين، فرجعنا من عنده، فلم يزل زوجي حتى أذهب جميعه، ثم التفت إليّ فقال لي: إلى أين يا خنساء؟قلت: إلى أخي صخر! قالت: فرحلنا إليه، ثم قسم ماله شطرين و خيّرنا في أفضل الشطرين، فقالت له زوجته: أ ما ترضى أن تشاطرهم مالك حتى تخيّرهم بين الشطرين؟فقال:
و اللّه لا أمنحها شرارها # فلو هلكت قدّدت خمارها
و اتخذت من شعر صدارها # و هي حصان قد كفتني عارها
فآليت ألاّ يفارق الصدار جسدي ما بقيت.
الخنساء في أخويها:
قيل للخنساء: صفي لنا أخويك صخرا و معاوية. فقالت: كان صخر و اللّه جنة الزمان الأغبر، و ذعاف الخميس الأحمر. و كان و اللّه معاوية القائل و الفاعل. قيل لها:
فأيهما كان أسنى و أفخر، قالت: أما صخر فحرّ الشتاء، و أما معاوية فبرد الهواء. قيل لها: فأيهما أوجع و أفجع. قالت: أما صخر فجمر الكبد، و أما معاوية فسقام الجسد! و أنشأت:
أسدان محمرّا المخالب نجدة # بحران في الزّمن الغضوب الأنمر
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 223