فريخ من الحمر الحواصل ما اكتسى # من الريش حتى ضمّه الموت و القبر
إذا قلت أسلو عنه هاجت بلابل # يجدّدها فكر يجدده ذكر
و أنظر حولي لا أرى غير قبره # كأنّ جميع الأرض عندي له قبر
أفرخ جنان الخلد طرت بمهجتي # و ليس سوى قعر الضريح لها وكر
و قالت أعرابية ترثي ولدها:
يا قرحة القلب و الأحشاء و الكبد # يا ليت أمّك لم تحبل و لم تلد
لما رأيتك قد أدرجت في كفن # مطيّبا للمنايا آخر الأبد
أيقنت بعدك أنّي غير باقية # و كيف يبقى ذراع زال عن عضد [1]
لأعرابي في ابنين له:
توفى ابن لأعرابي فبكى عليه حينا، فلما همّ أن يسلو عنه توفى له ابن آخر، فقال في ذلك:
إن أفق من حزن هاج حزن # ففؤادي ما له اليوم سكن
و كما تبلى وجوه في الثّرى # فكذا يبلى عليهنّ الحزن [2]
و قال في ذلك:
عيون قد بكينك موجعات # أضرّ بها البكاء و ما ينينا [3]
إذا أنفدن دمعا بعد دمع # يراجعن الشئون فيستقينا
أبو عبيد البجلي قال: وقفت أعرابية على قبر ابن لها يقال له عامر، فقالت:
أقمت أبكيه على قبره # من لي من بعدك يا عامر
تركتني في الدار لي وحشة # قد ذلّ من ليس له ناصر
و قالت فيه:
هو الصبر و التسليم للّه و الرضا # إذا نزلت بي خطة لا أشاؤها
[1] العضد: ما بين المرفق إلى الكتف.
[2] الحزن: الغم.
[3] يني: يفتر و يضعف.