responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 203

بأفعى في داخلها، فلسعته، فلما أحس بالموت استلقى على قفاه. ثم أنشأ يقول

دعاني الهوى من أهل أود و صحبتي # بذي الطّبسين فالتفتّ ورائيا [1]

فما راعني إلا سوابق عبرة # تقنّعت منها أن ألام ردائيا

أ لم ترني بعت الضّلالة بالهدى # و أصبحت في جيش ابن عفّان غازيا

فللّه درّي حين أترك طائعا # بنيّ بأعلى الرّقمتين و ماليا

و درّ الكبيرين اللذين كلاهما # عليّ شفيق ناصح قد نهانيا

و درّ الظّباء السّانحات عشيّة # يخبّرن أني هالك من أماميا

تقول ابنتي لمّا رأت و شك رحلتي # سفارك هذا تاركي لا أبا ليا

ألا ليت شعري هل بكت أمّ مالك # كما كنت لو عالوا نعيّك باكيا

إذا متّ فاعتادي القبور و سلّمي # عليهنّ أسقين السّحاب الغواديا

تري جدثا قد جرّت الريح فوقه # ترابا كسحق المرنبانىّ هابيا [2]

فيا صاحبي رحلي دنا الموت فاحفرا # برابية إني مقيم لياليا

و خطّا بأطراف الأسنّة مضجعي # و ردّا على عينيّ فضل ردائيا

و لا تحسداني بارك اللّه فيكما # من الأرض ذات العرض أن توسعاليا

خذاني فجرّاني ببردي إليكما # فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا

تفقّدت من يبكي عليّ فلم أجد # سوى السّيف و الرّمح الرديني باكيا

و أدهم غربيب يجرّ لجامه # إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا [3]

و بالرّمل لو يعلمن علمي نسوة # بكين و فدّين الطبيب المداويا

عجوزي و أختاي اللّتان أصيبتا # بموتي و بنت لي تهيج البواكيا

لعمري لئن غالت خراسان هامتي # لقد كنت عن بابي خراسان نائيا

تحمّل أصحابي عشاء و غادروا # أخا ثقة في عرصة الدّار ثاويا [4]


[1] أود: موضع في ديار بني تميم؛ و الطبسان بابا خراسان.

[2] المرنباني: كساء من خز؛ و هابيا: منتشرا.

[3] غربيب: حالك.

[4] عرصة الدار: ساحته.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست